لا أعرف معنى الإزاحة

24 ابريل 2021
عبد الله بن عنتر/ الجزائر
+ الخط -

أتعلمين معنى الإزاحة يا سحر
أنا أيضاً لا أعلم
يبدو أنّه مصطلحٌ يُشبه رحلتك الأخيرة
خسرتِ أكثر من نصف وزنك هناك
على حافّة الربيع
حيث كتبتِ لي رسالة تقولين
لا أقوى على الكلام
والكتابة صعبة جدّاً
كنّا قبل ما يبدو أنه ألف ربيع
شربنا كأس العروبة
أخبرتكِ أنّي غضبانة
وأخبرتني أنّك ممتلئة بالأمل
كم كانت قاتمةً البلادُ
وكم كنت توزّعين الفرح
تطبخين لمشرّدي الصحراء
وتقنعينهم أنهم يأكلون من أجل يافا
"هَلَكْتِني" زيتوناً وزعتراً
سألت الله أن يمنحك وطناً
فلم يفعل
فاخترعت وطناً من دراجة هوائية
أدندن أغنية جورجية قديمة
في الشرق لا وطنَ دون حرب
كم كرهت أغنياتي
على شواطىء بلاد العبيد سقطنا
وسقطتْ قلوبُنا في كمين السرّ
اعترفت:
أنتِ أكثر شخص غبيّ أحبه
أكّدت: "قرأنا عند نفس الشيخ"
بلا بلاد
بنيت في قلبي خيمة
وحملنا معاً قصائدي الرتيبة
بقيتْ أرواحنا كائنات مكسورة
ومدناً مليئة بالخطط
أقنعتكِ أن حبّ الأوطان إهانةٌ
لا تُنسى
ولا تُغتفر
أقنعتِني أنّنا هنا
بين فرخة وعكّا
على شاطئ نافليو
وفِي بيروت والقاهرة وصنعاء
تحت نفس الغيمة
لا شيء يميّزنا
غير تفاوت مصائر الجنون
لا أعرف معنى الإزاحة
غير أنّني تحاشيت طقس دفنك
وتعاملت مع موتك على أنّه رحلة إلى عمّان
حيث كنتِ تلجأين بعد تعب
على سبيل الوداع المؤجّل
أشتري ثلاث عشرة زنبقة صفراء
وحين يسألني بائع الورد عن الدموع
أُخبره أنّي حلمت بثورة 
ومات كلّ الأصدقاء.


■ ■ ■


في طريقي الطويل
أصادف الغرباء من بلادي
أُطعمهم الحليب والعسل
أسمّم بئرهم
لأجل الذين رحلوا
كم أنتِ زائفةٌ يا بلاد
أَشعَلتِ النار
ولم تُبقِ على غير النائحين
أمرّ على مخازن الحاجة
أُجمّل أكاليل الغار
لأصل منتصرةً
"في قلبي لا تُوجد شعرةٌ شائبة واحدة"
والمطر يهطل
لكنّ عظامي باتت تخاف المرتفعات
جسدي الخرابة هذا
أمشي به على رؤوس اليأس
وأحمله كخُرافة
أُطل منها على العمر
كقطيع غزلان مهاجرة
وقت الثلج أنا
في طريقي الطويل إليك
أدخل غابات لا شمس فيها
لا أخاف الشجر
أو عواء الذئاب
صوت وحدتي يؤنسني
آكل الفراشات
وأطير
أطير
حيث الأزل.


* شاعرة من فلسطين

المساهمون