في عام 1919، عُيّن كيبل كريزويل مفتشاً للآثار في فلسطين وسورية اللتين وقعتا تحت الاستعمار حيث سافر إلى المنطقة العربية للمرة الأولى، وهناك وضع رسومات أكثر دقة للخرائط الغربية التي كانت سائدة آنذاك، كما وثّق المعالم الأثرية فوتوغرافياً.
شُغف المؤرخ البريطاني (1879 – 1974)، بالآثار الإسلامية في فترة مبكرة، وبدأ دراسته لتاريخها في مصر تحديداً منذ عام 1920، واهتمً بتطور أشكال المآذن والقباب والمدارس ووظائفها ووثقها بالمخططات والرسومات والصور، التي جمعها بعد خروجه من الخدمة العامة ونشرها في خمسة مجلّدات.
"أربع مدن من خلال عدسة كريزويل: القاهرة والقدس وحلب وبغداد"، عنوان المعرض الذي افتتح في "متحف فيكتوريا آند ألبرت" بلندن في أيار/ مايو من العام الماضي ويتواصل حتى التاسع والعشرين من الشهر المقبل. يتضمّن المعرض صوراً التقطها كريزويل للمدن الأربع في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.
يضيء المعرض رحلة طويلة استمرت حتى عام 1973، وتكلّلت بأكثر من ثلاثة آلاف صورة لا يزال يُحتفظ بأجزاء منها في "الجامعة الأميركية" بالقاهرة، التي درّس فيها العمارة والفنون الإسلامية حوالي عقدين، وفي عدد من المتاحف البريطانية، ومنها صورة التقطها خلال عمله في الخمسينيات في توثيق وترميم سور القاهرة الذي يعود بناؤه إلى القرن الثاني عشر.
جال كريزويل في مناطق واسعة من سورية وفلسطين والأردن والعراق وتونس وتركيا، وصوّر عشرات المواقع الأثرية والدينية، حيث يضمّ المعرض الصور المتعلقة بالقاهرة وهي تتجاوز ألف وخمسمئة صورة لمنشآت السلطان قانصوه الغوري التي تتكون من وكالة وقبة وخانقاه ومدرسة، ومسجد ابن طولون، وجامع الأقمر، ومسجد الحاكم بأمر الله، وغيرها من الصور البانورامية للعاصمة المصرية.
وفي القدس، التقط صوراً لمنبر صلاح الدين في المسجد الأقصى الذي يعود بناؤه إلى القرن الثاني عشر ودمرته النيران عام 1969، وللأسواق القديمة في المدينة، ومسجد القرمي الذي شيّد خلال العصر الأيوبي داخل أسوار البلدة القديمة.
ويضمّ المعرض أيضاً صوراً لمئذنة الجامع الأموي في حلب التي بنيت في النصف الثاني من القرن الحادي عشر، وللأزقة والأسواق القديمة بالقرب من الجامع، ولقلعة المدينة التي تقع في وسطها، إلى جانب صور مرقد السيدة زبيدة أو جامع زمرد خاتون وخان مرجان وجامع الحيدر خانة في بغداد.