كورين بيلوشون: عن مكانة بول ريكور في الفلسفة المعاصرة

30 اغسطس 2022
بول ريكور في باريس، 2003 (Getty)
+ الخط -

لطالما بدا الفيلسوف الفرنسي بول ريكور (1913 ــ 2005) عصيّاً على التصنيفات السريعة، حيث يصعب وضعه في قائمة ما يُعرَف ــ في العالم الأنغلوساكسوني على الأقلّ ــ بفلاسفة "النظرية الفرنسية"، رغم مشاركته في النقاشات التي خاضها أغلب الفلاسفة الذي يُنسَبون إلى هذه "النظرية" (ميشيل فوكو، جاك دريدا وغيرهما)، مثل مسائل الذات، والعلاقة بها، والعلاقة بالآخر، والغريب، والأخلاق بشكل عام، وكذلك الأدب.

ورغم انتمائه الواضح، أيضاً، إلى التيار الظاهراتي (وهو الذي عُرف بكتابه "في مدرسة الظاهراتية"، وبترجماته لعرّاب هذا التيار، إدموند هوسرل)، إلّا أنه لا يُنظَر إلى ريكور كفيلسوف ظاهراتي فحسب، حيث عُرف بمآخذه العديدة على المنهج الوصفي الظاهراتي كما جاء في نصوص هوسرل، كما عُرف برغبته في فتْح الظاهراتية على حقول أُخرى، ولا سيّما التأويلية (أو الهرمينوطيقا).

عن "منشورات فرنسا الجامعية"، يصدر هذه الأيام كتاب "بول ريكور، فيلسوفُ إعادة البناء" للباحثة الفرنسية كورين بيلوشون، التي سبق لها أن استندت إلى أطروحات الفيلسوف الفرنسي في العديد من كتبها حول أخلاق العناية والانتباه والعلاقة بالآخرين.

الصورة
بول ريكور

تنطلق المؤلّفة من صعوبة تصنيف ريكور هذه، حيث تُشير إلى أنه حادَ عن الانقياد وراء الانتقادات الحداثية ــ كما عند نيتشه ــ والمابعد حداثية ــ كما عند ميشيل فوكو ــ لمفهوم الذات، الذي قال نيتشه وفوكو بموته.

ورغم موافقة ريكور على القول بأن الذات ليست ــ كما اعتقد فلاسفة الحداثة التقليديون ــ كينونةً ثابتة ومصدراً لكلّ وعي ومعرفة، إلّا أنه رفض التقليل من دورها لما في ذلك من مخاطر أخلاقية وسياسية، حيث تبقى الذات المرجع عندما نأتي للحديث حول مسؤولية الشخص عن تصرّفاته، ومسؤوليته تجاه الآخر والعالم بشكل عام.

وترى بيلوشون أن ريكور كان فيلسوفَ إعادة بناء لأنه كان عليه استعادة الثقة التي فقدتها مفاهيم مثل الذات، والهوية، والذاكرة، والشخصية، والمسؤولية تحت نقد ما بعد الحداثيين، وهي عملية إعادة بناء تعتقد المؤلّفة أنها تشكّل محور فلسفة ريكور.

يتضمّن الكتاب ستّة فصول تعرّج فيها كورين بيلوشون على مسيرة بول ريكور، وأهمّ مصادره الفلسفية، قبل أن تتناول بالتفصيل عدداً من أبرز المفاهيم والأطروحات التي جاء بها، ولا سيّما مفهوم "الهوية السردية" التي تبني عليها ــ وعلى كتابه "الذاتُ عينُها كآخر" ــ مجمل قراءتها لأعماله.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون