يعدّ المؤرخ والباحث العراقي الكردي كمال مظهر أحمد (1937 – 2021) الذي رحل أول أمس الثلاثاء في أحد مستشفيات مدينة بون الألمانية، أحد أبرز من درسوا تاريخ العراق السياسي والاجتماعي المعاصر، كما وثّق في دراسته تطوّر المجتمع الكردي في العراق.
ولد الراحل بالقرب من مدينة كركوك وتخرّج من قسم التاريخ "دار المعلمين العليا" في العاصمة العراقية عام 1959، ثم انتقل إلى موسكو حيث نال درجة الدكتوراه من "معهد الاستشراق" سنة 1963، حيث عاد إلى بلاده وعمل مدرساً في "جامعة بغداد" لسنوات طويلة أشرف خلالها على العديد من رسائل وأطروحات الدراسات العليا حول الشؤون الإيرانية، وقضايا تاريخ العراق المعاصر، والسياسة التركية، ومسائل الفكر والاستشراق.
آمن مظهر أحمد بأهمية العلاقة العربية الكردية عبر التاريخ، مشيراً في كتابات وتصريحات سابقة إلى أن "الكرد تحولوا إلى عنصر مهم من عناصر بناء الحضارة العربية الإسلامية، والشواهد في هذا المضمار أكثر من أن تحصى"، مشيراً إلى الدور الذي لعبه صلاح الدين الأيوبي والأكراد عموماً في لحظة تاريخية عصيبة في التاريخ الإسلامي.
آمن في كتاباته بأن الكرد تحولوا إلى عنصر مهم من عناصر بناء الحضارة العربية الإسلامية
اهتم صاحب كتاب "ثورة العشرين في الاستشراق السوفيتي" (1977) بتوثيق جوانب مهمة من التاريخ الكردي الحديث، وخاصة دور الصحافة الكردية خلال فترة الاحتلال البريطاني للعراق، كما عمل على إصدار مذكرات رئيس الوزراء العراقي الكردي أحمد مختار بابان (1900 – 1976) الذي كان أحد أبرز المساهمين في بناء الدولة العراقية الحديثة، والقائد العسكري والوزير العراقي الكردي فؤاد عارف (1913 – 2021)، والذي لعب دوراً في الجيش والحياة العامة خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
أتى هذا الاهتمام جزءاً من تأريخه للحضور الكردي في تأسيس الهوية الوطنية العراقية كما في مؤلّفاته "كردستان في سنوات الحرب العالمية الأولى" (1977)، و"دور الشعب الكردي في ثورة العشرين العراقية" (1978) وفي هذين المؤلّفيْن يتناول مشاركة الكرد الموجودين في بغداد في التظاهرات الأولى الرافضة للبريطانيين، ثم مشاركة العشائر الكردية في منطقة خانقين في المقاومة المسلحة بعد ذلك، وصولاً إلى انخراط آلاف المقاتلين الأكراد في الكفاح الوطني حتى نيل الاستقلال.
كما يضيء فيهما على الانتفاضة الكردية الأولى في نهاية شهر آذار/ مارس 1919، واستمرّت إلى آخر الصيف، ثم تبعتها انتفاضة السليمانية التي قادها الشيخ محمود البزرنجي، وانتقلت إلى بادينان، ولم يتوقّفوا عند ذلك، بل دعموا انتفاضة تلعفر ذات الأغلبية التركمانية المتنوعة مذهبياً وشاركوا فيها ضد الاستعمار.
درس مظهر أحمد قضايا متنوّعة في تاريخ العراق الاجتماعي في كتبه "الطبقة العاملة العراقية" (1981)، و"صفحات من تاريخ العراق المعاصر" (1987)، و"النهضة" (1979)، و"كركوك وتوابعها: حكم التاريخ والضمير" (2004)، كما ناقش الأوضاع الإقليمية والعلاقة مع إيران وتركيا في كتابه "أضواء على قضايا دولية في الشرق الأوسط" (1978)، إلى جانب كتابه" ميكافيلي والميكافيلية" (1984).