كريم دكروب و"مسرح الدُّمى اللبناني": عروض في ذاكرة الأجيال

22 يونيو 2024
كريم دكروب (تصوير: إنيغو رويو)
+ الخط -
اظهر الملخص
- فرقة "مسرح الدمى اللبناني" تقدم تسعة عروض متنوعة في "دوّار الشمس" ببيروت خلال يوليو وأغسطس، تعكس التزامها بإحياء الأعمال الكلاسيكية وجذب أجيال جديدة، رغم تحديات مثل الحريق الذي ضرب المسرح العام الماضي.
- العروض تشمل مجموعة من المواهب في السينوغرافيا، الموسيقى، والتمثيل، مقدمة تجارب مسرحية غنية تستهدف شرائح مختلفة من الجمهور وتسعى لإدخال الفرح إلى النفوس عبر الأجيال.
- رغم الصعوبات الاقتصادية وغياب الدعم الحكومي في لبنان، يؤكد كريم دكروب على أهمية المسرح كمنبر للتعبير والتواصل مع الجمهور، مخططًا لعروض مستقبلية تركز على قضايا إنسانية عميقة مثل القضية الفلسطينية.

بتسعة عروض من توقيع المُخرج كريم دكروب، كانت قد قُدّمت خلال أكثر من الثلاثين عاماً الماضية، تعود فرقة "مسرح الدمى اللبناني"، التي تأسّست عام 1993، لتلتقي بجمهورها عند الخامسة والنصف من كلّ خميس خلال شهرَي تمّوز/ يوليو وآب/ أغسطس المُقبلَين، على خشبة مسرح "دوّار الشمس" في بيروت.

ولمناسبة الإعلان عن برنامج العروض الصيفية، التقت "العربي الجديد" بدكروب الذي تحدّث عن تاريخ الفرقة وطبيعة العروض، لافتاً إلى أنّ فرقته "من أوائل الفِرَق المسرحية في لبنان التي اعتمدت الريبرتوار، وبالتالي فإنّ العُروض لا تُقدّم أول مرّة، بل سبق أن قُدّمت خلال العقود الثلاثة الماضية من عُمر الفرقة، الأمر الذي تحوّل مع الزمن إلى تقليد عندنا، ونحن نُحاول اليوم تكملته. صحيحٌ أنّ الحريق الذي ضرب 'دوّار الشمس' العام الماضي تسبّب بانقطاع، ولكن لاحقاً تابعنا عروضنا في 'مسرح مونو'، ثمّ في 'دوّار الشمس' بعد عودته للعمل في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023".

من عُروض البرنامج عملٌ يعود إلى بدايات الفرقة عام 1993

ويستعيد دكروب في حديثه إلى "العربي الجديد" ذكريات عمله الأوّل "شو صار بكفر منخار؟" (1993)، مُنبّهاً إلى خصوصيّته عنده، وأنّ أجيالاً جديدة تأتي دائماً لتُشاهِد العرض: "هناك من شاهدَه مع أبنائه، واليوم يُعيد مشاهدته مع أحفاده. وهناك من شاهده طفلاً مع والدِه، واليوم يُعيده أباً مع أطفاله، وطالما أنّ هذا مستمرّ، وأنّنا نرى الناس يعودون لمشاهدة عمل مسرحي، فهذا يعني أنّه لامَسَهم وأدخل الفرح إلى قلوبهم".

الصورة
من مسرح الدمى - القسم الثقافي
أعمال لافتة استقطبت جمهوراً واسعاً على مدار أكثر من ثلاثين عاماً

وإلى جانب العمل الأقدم للمُخرج، يتضمّن برنامج الصيف: "فراس العطّاس"، و"كراكيب"، و"يا قمر ضوّي عالناس"، و"ألف وردة ووردة"، و"شتّي يا دنيا صيصان"، و"كلّه من الزيبق"، و"يلّا ينام مرجان"، و"بيتك يا ستّي". ويُشارك في هذه الأعمال وليد دكروب (سينوغرافيا)، وأحمد قعبور (موسيقى)، بالإضافة إلى المُمثّلين: فؤاد يمّين، وكاترينا دكروب، وأدون خوري، وسارا عبدو، وجاد حكواتي، وفرح ورداني.

لبيروت صوتُها في مواجهة الإبادة يتمثّل في العمل الثقافي

وعن تحدّيات الاشتغال بالمسرح في لبنان خلال الظروف التي يعيشها البلد حالياً، يقول دكروب: "نحن مسرح مُوجَّه للعائلة، والأعمال التي نعرضُها تهمُّ شرائح مختلفة، لأنّ همومها، أوّلاً وأخيراً، إنسانية عامّة وغير محدودة بمكان أو بعُمر مُعيّن. ونحرص جدّاً على أن يكون الجميع مستمتعاً بعروضنا، الكبار كما الصغار، ورسالتنا تجمع المُتعة إلى جانب التفكير. لكنّ الصعوبات كثيرة وهي تواجهنا كما تواجه غيرنا، فالفنّانون في لبنان متروكون، وأيّ عمل ثقافي هو عمل فردي، وإن كان مؤسَّسياً فهو تابع لمؤسّسة خاصّة. السياسات الثقافية غير موجودة، ولم يسبق أن كانت هناك نيّة لإيجادها. القليل من الدعم كانت تقدّمه أحياناً وزارة الثقافة، ولكن من دون استراتيجية. المُشكلة الأبرز أنّنا نعمل بمفردنا. فنّانو المسرح يعملون بمفردهم، أمّا المِنح غير الرسمية، وإن كانت قد أنعشت بعض العمل المسرحي، فإنّها غير مستدامة، ولا تصل إلى كلّ من يستحقّها".

الصورة
من مسرح الدمى - القسم الثقافي
من عرض سابق للفرقة

رغم ذلك، ينظر دكروب إلى إقبال الجمهور على العروض المسرحية بعين التفاؤل: "ما زال المسرح يستقطب جمهوراً. نحن دائماً لدينا جمهور واسع وهذا يخلق شيئاً من التفاعُل، وغالباً ما تكون عروضنا ممتلئة بالحاضرين، ولا ننسى أنّ بعض هذه العروض يقوم بتنفيذها شباب وخرّيجون جُدد، وهؤلاء استطاعوا بإمكانيات قليلة إنجاز أعمال لافتة استقطبت جمهوراً واسعاً، وهذه ظاهرة تسترعي الانتباه بالنسبة إلى بيروت وما تعانيه من أزمات اقتصادية. وهذا يُظهر أهمّية المسرح الدائمة، إذ لا غنى على الإطلاق عنه بالنسبة إلى الناس، وإنْ سَرَقت وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من جمهوره. المسرح هو حديثٌ وجهاً لوجه، واجتماع بالمَشهد الحيّ، رغم ما افتقدناه بعد الكورونا".

ويختم دكروب حديثه إلى "العربي الجديد" قائلاً: "عُروضنا بطعم البطّيخ لا من حيث تناولها المباشر للقضية الفلسطينية، بل برمزيّة الالتزام والهمّ الإنساني الحاضرة دوماً، لكنّنا نُحضّر لعروض في المستقبل القريب مُخصّصة لفلسطين. فبيروت دائماً تنبض، وكلّما كانت هناك أزمة أعمق اشتدّ النبض، ونحن اليوم لسنا أمام أزمة بلد، بل أمام أزمة قِيم إنسانية في عالَم بأسره شاهد على الإبادة. نعم، سيظلّ لبيروت صوتُها الذي يتمثّل من خلال عملنا بالثقافة والفنون".

المساهمون