كاتب من العالم: مع بنيامين.. صاحب "أيّام الماعز"

11 سبتمبر 2024
بنيامين، في مكتبته المنزلية
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **المشهد الأدبي والثقافي في كيرلا**: يتميز بالحيوية والازدهار مع نشر العديد من الروايات سنوياً وإقامة مهرجانات أدبية وفعاليات ثقافية تجتذب آلاف المشاركين، مما يعزز من ازدهار الأدب في المنطقة.

- **أعمال الكاتب بنيامين**: نشر أكثر من ثلاثين كتاباً، من بينها "أيّام الماعز" التي تُرجمت إلى حوالي خمس عشرة لغة، وتتناول قضايا هجرة الأيدي العاملة.

- **رؤى وتطلعات بنيامين**: يعبر عن قلقه من العنصرية والتطرف الديني، ويؤكد على أهمية حرية التعبير، ويرى الأدب كمرآة تعكس جميع جوانب المجتمع.

تقف هذه الزاوية مع كاتب من العالم في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وبعض ما يودّ مشاطرته مع القارئ العربي. "يتولّى عملي مهمّة سرد قصص الناس الذين دُفعوا إلى الظل، والمُهمَّشين الذين لا تُسمع أصواتهم"، يقول الروائي الهندي المقيم في ولاية كيرلا الهندية لـ"العربي الجديد".


■ كيف تقدّم المشهد الأدبي والثقافي في بلدك لقارئ لا يعرفه؟

- أعيش في مكان يتّصف مشهده الأدبي بالحيوية والازدهار. أنا مُقيم في ولاية كيرلا، أقصى جنوب الهند، حيث المالايالامية هي اللغة المحكيَّة. في كلّ عام، تُنشر بعض أفضل الروايات، إلى جانب الكثير من الترجمات من مختلف لُغات العالَم، كما تُقام العديد من المهرجانات الأدبية والفعاليات الثقافية والمناقشات التي تجتذب آلاف المُشارِكين والمشارِكات الشباب. يحظى الكُتّاب باحترام كبير في مجتمعنا، وكلماتهم موضع تقدير كبير. الأدب يزدهر هنا.


■ كيف تقدّم عملك لقارئ جديد، وبأي كتاب لك تنصحه أن يبدأ؟

- في السنوات الخمس والعشرين الأخيرة، نشرتُ أكثر من ثلاثين كتاباً، بما في ذلك الروايات والقصص القصيرة والمقالات وقصص الرحلات؛ من بينها جميعاً حظيت رواية "أيّام الماعز" بالنصيب الأكبر من الشُّهرة، وتُرجمت إلى قرابة خمس عشرة لغة، بما في ذلك الإنكليزية والعربية. أُوصي بالبدء بهذا الكتاب.

يُحزنني أن البشرية، بعد كل هذا الوقت، لم تتعلّم من ماضيها

■ ما السؤال الذي يشغلك هذه الأيام؟

- حالياً، يُقلِقني التدقيق الاجتماعي والانتقادات اللّاذعة في الدول العربية بخصوص الفيلم المُقتبَس عن روايتي "أيّام الماعز". بعض النقّاد زعموا أنّ العمل دعاية ضدّ المملكة العربية السعودية، لكن ذلك ليس صحيحاً. تُركّز الرواية والفيلم على هجرة الأيدي العاملة وسعيها للبقاء على قيد الحياة، وهي قضايا تحدث في كلّ مكان عمل حول العالَم. أتمنّى أن يفهمها المُشاهدون من هذا المنظور.


■ ما أكثر ما تحبّه في الثقافة التي تنتمي إليها وما هو أكثر ما تتمنى تغييره فيها؟

- منطقتنا معروفة بتناغُمها الديني الكبير، فضلاً عن الأنشطة الأدبية والثقافية النابضة بالحياة. أنا فخور بأنه على الرغم من أن المجتمعات الهندوسية والمسيحية والمسلمة تعيش بعضها بجوار بعض، إلّا أنه لا يوجد حتى واحد بالمئة من الصراع الديني هنا. مع ذلك، ما يُزعجني هو أنّ هذا المجتمع ما زال متمسّكاً بالعديد من القيم الأبوية التي عفّى عليها الزمن، والتي ينبغي أن نبتعد عنها.


■ لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟

- بدأتُ الكتابة متأخّراً نسبياً، في الثلاثينيات من عمري. لقد درستُ الهندسة وعملتُ في هذا المجال لمدّة عشرين عاماً. لو قُيّض لي البدء من جديد، لاخترتُ استكشاف اللغة والأدب، والبدء بالكتابة في وقت أبكر بكثير.

ما يمنحني الأمل هو وفرة الكتابات الشجاعة في العالَم

■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- إنني أشعر بقلق بالغ إزاء صُعود العنصرية والتطرُّف الديني في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الهند. ويُحزنني أنّ البشرية، بعد كلّ هذا الوقت، لم تتعلّم من ماضيها. أتُوق إلى عالم يمكن لجميع الناس أن يعيشوا بسعادة فيه، وأن يحافظوا على معتقداتهم الخاصة.


■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟ 

- أَودّ أن أُقابل الكاتب اليوناني العظيم نيكوس كازانتزاكيس. لقد أثَّرت كتاباته ورؤاه الروحية بشكل كبير فيّ. مؤلّفاته "الإغواء الأخير للمسيح"، و"زوربا اليوناني"، و"تقرير إلى غريكو" جميعها عزيزة جدّاً على قلبي.


■ ما هو، في اعتقادك، أكبر خطر على حرية الكاتب والكتابة في العالم اليوم؟

- كثيراً ما تُحاول قوى الدين والسلطة والمال قمع حرية التعبير؛ وهي سريعة الشعور بالإهانة، بل إنها على استعداد لمواجهة الكُتّاب بشكل علني. واليوم، كلّما وضعت كاتبةٌ القلم على الورقة، انتابها خوف من إيذاء مشاعر شخص أو جهة ما. مع ذلك، فإنّ ما يمنحني الأمل هو وفرة الكتابات الشجاعة التي تصدر من مختلف أنحاء العالَم.

أيام الماعز - القسم الثقافي
حظيت رواية "أيّام الماعز" بالنصيب الأكبر من الشُّهرة

■ ما هي قضيتك وهل يمكن أن تكون الكتابة قضية بذاتها؟

- هناك سؤال مهمّ في الكتاب المقدّس: "أين أخوك؟"، هذا هو السؤال الذي أُحاول الإجابة عنه في كتابتي. يتولّى عملي مهمّة سرد قصص الأناس الذين دُفعوا إلى الظل، والمُهمَّشين الذين لا تُسمع أصواتهم. إن السؤالَين اللذين يُحيِّراني باستمرار هما: لماذا نفشل في التعلّم من التاريخ، وما هو نوع الجشَع الذي يدفع البشرية في هذه الحياة القصيرة؟


■ الأدب العالمي يكتبه المترجمون، إلى أي درجة توافق على هذه المقولة وإلى أي درجة كتبك المترجمون؟

- أتّفق تماماً. لا يُمكن للمرء إلّا أن يتخيّل مدى جفاف لغتنا وتجربة القراءة لدينا بدون الكتب المترجَمة. مساهمة الأعمال المترجمة في التطوّر الأدبي للمالايالامية هائلة. لقد تُرجمت أغلب الأعمال العظيمة في العالم إلى هذه اللغة الصغيرة، وهذا الجهد يستمرّ إلى يومنا هذا. على الرغم من وجود أعمال أصلية ذات مستوى عالمي باللغة المالايالامية، إلّا أن الترجمات تستمرّ في إثراء أدبنا.


■ كيف تصف علاقتك مع اللغة التي تكتب فيها؟

- أنا أكتب بلُغة أحلامي، ما يمنح كتابتي صلة بيولوجية. أنا لستُ طالباً جامعيّاً في اللغة أو الأدب؛ اكتسبتُ مهاراتي اللغوية من خلال الحياة اليومية والقراءة. على الرغم من أنني أستطيع إدارة الأمور باللغتين الإنكليزية والهندية، إلا أنّ هاتين اللغتين ليستا لغتَي طفولتي أو مراهقتي، لذا لا ترتبطان بأحلامي أو مخيّلتي. المالايالامية هي اللغة التي توقظ مخيّلتي حقّاً.


■ كاتب منسي من لغتك تودّ أن يقرأه العالم؟ 

- بالتأكيد، هو فايكم محمد بشير. ورغم أن أعماله تُرجمت إلى العديد من اللغات، إلّا أنني أتمنّى أن يقرأ العالَم المزيد عنه.


■ لو بقي إنتاجك بعد 1000 سنة، كيف تحب أن تكون صورتك عند قرّائك؟

- أُريد أن أرى نفسي كاتباً يُجسّد حياة وتجارب وأحزان ونضالات الأشخاص العاديّين جدّاً في أدبه. أعتقد أن هذه المشاعر تجد صدىً لدى الناس في أي مجتمع وفي أي وقت. 


■ كلمة صغيرة شخصية لقارئ عربي يقرأ أعمالك اليوم؟

- لقد أمضيتُ واحداً وعشرين عاماً أعيش في الأراضي العربية، لذا فإنني أُكِنّ تقديراً عميقاً لهذه الثقافة. أُحاول من خلال قصصي تسليط الضوء على التجارب الحزينة للأشخاص الذين يبحثون عن عمل هناك. أعتقد أنّ الأدب مرآةٌ تُجسِّد جميع جوانب المجتمع، لذلك أُشجّع القرّاء على التعامل معه من هذا المنظور.


بطاقة

بيني دانيال، كاتب وروائي هندي يُعرَف باسمه الأدبي "بنيامين"، من مواليد كولانادا في ولاية كيرلا الهندية عام 1971،  عاش في البحرين لمدّة واحد وعشرين عاماً. حصلت روايته "أيّام الماعز" (2008)، على "جائزة الأكاديمية الأدبية" في كيرلا، ووصلت إلى القائمة الطويلة لـ"جائزة مان آسيا الأدبية"، والقائمة القصيرة لـ"جائزة دي. إس. سي. لأدب جنوب آسيا"، كما أصبحت جزءاً من المنهج الدراسي في العديد من الجامعات، وتم تحويلها مؤخّراً إلى فيلم بعنوان "حياة الماعز". تستكشف روايتاه "أيام الياسمين" (2014)، و"مصنع الروايات العربية" (2014)، خلفيّة ثورات الربيع العربي، وقد حصلت الأُولى منهما على "جائزة جي. سي. بي. للأدب الهندي" عام 2018.
 

المساهمون