يسعى الفنان الإندونيسي فيصل حبيبي (1984) إلى تفكيك الأدوات التي نستخدمها في حياتنا اليومية من كراسي وطاولات وأبواب ونوافذ ومطارق من خلال أعماله الفنية في محاولة لتسليط الضوء على طبيعة علاقتنا بالأشياء من حولنا في سياق الثقافة المادية التي نعيشها وتهيمن عليها نزعة الاستهلاك.
"التمدّد والطي" عنوان معرضه الجديد الذي افتح في "غاليري جارموتشيك" ببرلين في السادس والعشرين من حزيران/ يونيو الماضي، ويتواصل حتى الثامن عشر من الشهر المقبل، ويتضمّن عدداً من تركيباته التي يستخدم في تنفيذها وسائط مثل ألياف الزجاج والألواح الفولاذية والخشبية.
يتعامل حبيبي مع الفضاء والمادة بطريقة معقدة حيث يبرز ذلك التفاعل بين الإنسان والآلة والتقاليد والخيال اللامحدود، من خلال تركيزه على الطبيعة المتناقضة للهياكل السطحية هي التي تجعلنا نفكّر في التجارب اللمسية التي مررنا بها بالفعل وتخلق لدى الإنسان حاجة شديدة للمس هذه الأعمال والإحساس بها.
تعكس الأعمال المعروضة الصلةَ التي تجمع الإنسان بالسلع الموجودة في الحياة المعاصرة وتدفعه إلى استحضار تفاصيل معينة تتعلق بذاكرته حول المنتجات التي يستخدمها، وثقافة استخدامها، والوظيفة التي تؤديها، والشكل المألوف لها في مخيلتنا، وغيرها من التفاصيل التي تتعقّد مع تكرار استعمال هذه السلع.
كما يختبر حبيبي في أعماله التي تبدو جزءاً من الواقع المعيش، وتستند بشكل أساسي إلى العمارة والتصميم، لكنه يقدّم من خلالها منظوراً جديداً لفكرة الجسد الإنسان وتلامسه واحتكاكه مع تلك المجسمات، في إشارة إلى هشاشة هذا الجسد وبنيته واستلابه لها، واستغراقه التامّ في التفاعل معها.
ويعود في هذه التجربة إلى الجدل القائم حول علاقة الشكل بالوظيفة كما قاربته مدرسة "باوهاوس" التي سعت إلى دمج الحرف بالفنون التشكيلية والعمارة في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918)، فالشكل لا يتبع الوظيفة، بل العكس فإن الوظيفة تتبع الشكل، حيث تدفع الأشكال بألوانها الحمراء والصفراء والزرقاء الوظيفةَ إلى الوراء، لتصبح الجماليات في النهاية هي الوظيفة.
يُذكر أن فيصل حبيبي حاز درجة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة والتصميم في "معهد التكنولوجيا" بمدينة باندونغ الإندونيسية، وشارك منذ تخرّجه عام 2008 في عدد من المعارض الجماعية في الفيليبين وسنغافورة وألمانيا إلى جانب أندونيسيا، كما أقام معرضين شخصيين تحت عنواني "هذه ليست تفاحة" (2015)، و"فيليه" (2018)، وحصل على "جائزة باندونغ للفن المعاصر" و"جائزة إندونيسيا الفنية".