"فلسفة البلاغة" لإيفور ريتشاردز.. نقض المعنى الثابت

12 يونيو 2023
هيلين فرانكنثالر/ الولايات المتحدة
+ الخط -

يرتبط اسم إيفور آرمسترونغ ريتشاردز بتيارات النقد الجديدة منذ عشرينيات القرن الماضي، من خلال كتاباته الأكاديمية، واعتماده أساليب تجريبية خلال تدريسه النقد، حيث كان يعطي الطلّاب نصوصاً أُزيلَت عناوينها وأسماء مؤلفيها، ساعياً إلى تطوير مهاراتهم في "القراءة عن قرب" و"النقد العملي" الناتج عن قراءة دقيقة للنص وقريبة منه، بعيداً عن أية مؤثّرات أخرى.

آمن الناقد والكاتب البريطاني (1893 – 1979) بأن قراءة الشعر لها أهمّية خاصة في عصر تنهار فيه شرائع السلطة الأخلاقية والاجتماعية، مولياً في قراءاته عناية لعناصر اللغة والجمال الفني والفلسفة والتأثيرات النفسية للنصوص، وهو ما شكّل إضافة للنقد الكلاسيكي آنذاك.

عن "المركز القومي للترجمة"، صدرت حديثاً النسخة العربية من كتابه "فلسفة البلاغة" بترجمة الكاتب والمترجم المصري شكري مجاهد، وهو عملٌ نُشر باللغة الإنكليزية لأول مرة عام 1936، وسعى خلاله لعمل قطيعة مع المقاربات البلاغية القديمة التي سادت منذ القرن السابع عشر.

غلاف الكتاب

في مشروعه لتحديث البلاغة الغربية التي تأسّست على فكرة الإقناع والتأثير، رأى ريتشاردز ضرورة نقد هذه الفكرة باعتبار أن وظيفة البلاغة تفترض أن تكون دراسة لحالات سوء الفهم في التوصيل اللغوي وطرق معالجتها، حيث توضّح مقدّمة المترجم أن الحجر الأساس الذي يقوم عليه سوء الفهم هو ما يسميه المؤلّف بـ"خرافة المعنى الخاص"، أي الاعتقاد بأن للكلمة أو المفردة معنىً ثابتاً مستقرّاً بصرف النظر عن السياق أو الاستعمال، تماماً كما أن لكل إنسان اسمه الخاص الملازم له.

واعتبر ريتشاردز في كتابه أن الكلمة المفردة، التي تأتي معزولة عن بقية الكلمات المنطوقة أو المفترضة، ليس لها معنى في ذاتها، شأنها شأن أية رقعة ملوّنة في لوحة لا تكتسب حجماً أو مساحة ما لم تُوضَع في إطار معيّن، مشيراً إلى أن الثبات في معنى الكلمات ليس شيئاً يجب افتراضه، بل شيءٌ يجب تفسيره.

إلى جانب المدخل، يناقش الكتاب ــ في خمس محاضرات ــ قضايا مثل أهداف الخطاب وأنماط السياق، وتفاعل الكلمات، وكيف تعمل الكلمات في الخطاب، والنظر في بنى الوحدات الصغرى للمعاني، والاستعارة وملكة الاستعارة، وغيرها.

من أعمال إيفور آرمسترونغ ريتشاردز الأُخرى: "أسس الجماليات" (مؤلّف مشترك/ 1922)، و"معنى المعنى" (1923)، و"العلم والشعر" (1926) و"مبادئ النقد الأدبي" (1928)، و"النقد العملي" (1929).

المساهمون