فرانز كافكا.. الاقتراب من حُمّى المئوية

فرانز كافكا.. الاقتراب من حُمّى المئوية

02 ابريل 2023
تمثال كافكا للنحّات التشكيلي ياروسلاف رونا، في براغ (Getty)
+ الخط -

ثمّة تواريخ تمرّ ذكراها من دون أن ينتبه أحدٌ إليها، وأُخرى يبدأ الاحتفاء بها حتى قبل أشهر من موعدها، كما هو الحال مع فرانز كافكا، الذي يُصادف العامُ المقبل، 2024، مرورَ قرن على رحيله (1883 ــ 1924).

بل يُمكن القول إن التحضيرات لهذه المناسبة قد بدأت قبلها بعامين على الأقل، إذا ما تذكّرنا إعلان مُخرجَيْن، هُما البولندية أنييسكا هولاند، والنمساوي دافيد شالكو، منذ 2022، عن بدئهما العمل على مسلسلين منفصلين حول سيرة الروائي والقاصّ المولود في براغ، والذي عاش حياته القصيرة في ظلّ الإمبراطورية النمساوية الهنغارية.

العملان، اللذان يُصَوَّران هذه الأيام، سيُعرضان على الشاشات الألمانية أوّلاً، بدءاً من ربيع العام المقبل، ومن المرجَّح أن يُعرضا بعد ذلك في بُلدان أُخرى وعلى عددٍ من منصّات البثّ المدفوعة، في حال نجاحهما أمام جمهور ناطق بالألمانية وعارفٍ، ربما أكثر من غيره، بأدب كافكا الذي وضع نصوصه بهذه اللغة.

على أنّ الاحتفالات "المبكّرة" بمئوية رحيل كافكا لا تقتصر على الشاشة الصغيرة، كما لا تقتصر على ألمانيا. ففي براغ، عاصمة تشيكيا، عُقد أوّل من أمس الجمعة مؤتمرٌ حوله، استضافه "معهد غوته"، وناقش المشاركون فيه جانباً "غير معروف بما يكفي"، بحسب تعبير المنظّمين، من سيرة صاحب "التحوُّل" (أو "المسخ"، في ترجمة عربية أُخرى): أي علاقته بالعالَم الريفي وبالطبيعة، وهو الذي لطالما قُدّم ككاتب مديني ارتبط اسمُه وأدبُه باسم براغ وشوارعها.

سونيا غريغوشيفسكي، مديرة المعهد، أشارت في حديثٍ إلى "راديو براغ الدولي" إلى أنّ مؤسّستها، مثل العديد من المراكز الثقافية في تشيكيا، حضّرت برنامجاً للاحتفاء "طيلة عامين" بكافكا وأدبه، مذكّرة بأنّ هذا العام، 2023، يُصادف أيضاً مرور مئة وأربعين عاماً على ولادة الكاتب.

لم تصدر سيرته المرجعية باللغة الفرنسية إلّا قبل أيام قليلة

وقد يكون عالَم النشر الأكثر تسجيلاً لـ"حُمّى" الاحتفاء بكافكا، ولا سيّما في اللغتين الإنكليزية والفرنسية، اللتين تشهدان، منذ مطلع العام، صدور العديد من الأعمال حول صاحب "تقرير إلى الأكاديمية". بل إنّ الإنكليزية، ومعها الفرنسية، انتظرتا حتى هذا العام كي تُصدرا بعضاً من الأعمال المرجعية الأساسية، له وعنه، كما هو الحال مع يومياته، التي صدرت في طبعة إنكليزية كاملة قبل أسابيع عن منشورات "شوكن" في نيويورك، في حين صدرت قبل أيام، عن منشورات "لو شيرش ميدي" في باريس، النسخة الفرنسية من الجزء الأوّل (في أكثر من 900 صفحة) من السيرة المرجعية والأكثر تفصيلاً حول حياة كافكا، والتي وضعها الكاتب الألماني راينر ستاتش، أحد أبرز المختصّين بأدب صاحب "القلعة"، والذي قضى عشر سنواتٍ بحثاً وتنقيباً وسفراً ومقابلاتٍ من أجل تأليف هذا الجزء الأوّل، الذي ظهر باللغة الألمانية عام 2002.

ويغطّي هذا الجزء الأوّل من السيرة الثلاثية خمسة أعوام (1910 - 1915) حاسمة على مستوى التجربة الإبداعية والحياة الشخصية، حيث ألّف فيها كلّاً من "الحُكم" و"التحوُّل" و"أميركا" و"المحكمة"، وبدأ خلالها النشر، وتسلُّم مسؤوليات أكبر في العمل، كما عاش خلالها بداية الحرب العالمية الأولى، وهي أيضاً الفترة التي تعرّف فيها على عشيقته فيليس باور، وخطبها فيها، قبل أن ينفصلا.

حول هذا العمل المحوري، شهدت الأسابيع الماضية صدور نسخ جديدة من أعمال كافكا، إلى جانب مؤلّفات نقدية أو أدبية تستعيده من أبواب عديدة، من بينها "كافكا بعيداً عن الشبَه" للوكا سالزا، و"مع كافكا، بقلبٍ قلِق" لـ سيرين بيرلوتييه، ورواية "كافكا لا يريد أن يموت" لـ لوران سيكسيك.

أمّا في المسرح، فاستعادة سيرة الكاتب والاقتباسات من أعماله كانت عديدة هذا العام، نذكر من بينها "مزحة كافكا" التي تقدّمها فرقة "ديزرت ثياتر إنسمبل" في كاليفورنيا هذه الأيام، "وتقرير إلى الأكاديمية" التي يحوّلها إلى الخشبة المخرجُ الفرنسي جورج لافودون، ويبدأ نهاية هذا الربيع تقديمها في مونبلييه، قبل أن ينتقل بها إلى مدن أُخرى.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون