عن خمسة وسبعين عاماً، غادر عالمَنا، اليوم الأحد، الكاتب والباحث المصري سيّد القمني، متأثّراً بإصابته بفيروس كورونا، تاركاً عدداً من المؤلّفات التي تطرّق فيها إلى قضايا إشكالية في الثقافة والتاريخ الإسلاميَّين، يُحسب له فيها ربطه بين حقول معرفية طالما فَصلت بينها الأكاديميا، كالتاريخ والأسطورة والدين والعلوم السياسية، لكن أطروحاته لم تصل بالشكل الأمثل للجمهور بسبب النزعة السجالية التي ميزت ظهوره في وسائل الإعلام.
وُلد القمني في مدينة الواسطي بمحافظة بني سويف، جنوب مصر، عام في 1947، وعمل مدرّساً إلى غاية حصوله على درجة دكتوراه من "جامعة كاليفورنيا الجنوبية"؛ وهي الشهادةُ التي يُشكّك بعضُهم في حقيقة حصوله عليها، قبل أن يتخصّص في الكتابة عن بواكير التاريخ الإسلامي، مركّزاً على نقد التراث وغربلته.
في كتابه "الأسطورة والتراث"، الصادر عام 1999، يكتب: "لا شكّ أنّ إهدار التراث القديم دون بحثه، وبحث ظرفه الموضوعي، وإصدار أحكام قبْلية عليه وعلى فلاسفتنا، ليس من العلمية في شيء؛ ومِن ثَمّ يمكننا القول: إنه بالتزام كل شروط العلمية في البحث، يمكن أن نعثر في القديم على كثير مما يفيد قراءتنا لتراثنا وحاضرنا قراءةً صحيحة".
منعت نزعته السجالية وصول أفكاره على أحسن وجه
ارتبط اسم القمني، منذ نهاية التسعينيات، بالجدالات التي كان يُثيرها؛ سواءٌ بمؤلّفاته أو بتصريحاته الصحافية التي يرى فيها بعضُهم "تطاوُلاً على المقدّسات الإسلامية"، وهذا الجدل سيصل حدّ اتهامه بـ"الإلحاد"، وسينسحب على التعريف الذي يُقدَّم به؛ إذ يصفه البعض بأنه باحث عقلاني في التاريخ الإسلامي، وينفي آخرون عنه الصفتَين معاً؛ أي البحث والعقلانية، بينما يصف نفسَه بأنّه "مفكّر معتزلي".
وعُرف عن القمني، أيضاً، انتقاده اللاذع لـ"الإسلام السياسي"، ولـ"مؤسسة الأزهر" التي دعا، في 2016، إلى إدراجها ضمن "المنظّمات الإرهابية" دولياً.
في عام 2005، أعلن القمني اعتزاله الكتابة بعد اتّهامه بالكُفر والإلحاد وتهديده بالاغتيال، وهو القرار الذي سيتراجع عنه لاحقاً. وفي 2009، حاز "جائزة الدولة التقديرية"، ما أثار موجةً من الرفض والاعتراض، انتهت بصدور قرار من "هيئة مفوّضي الدولة" بسحبها منه.
وقبل ذلك، صادر "مجمع البحوث الإسلامية" في الأزهر عام 1997 كتابه "ربّ هذا الزمان"، وأُخضع بعدها لاستجواب في نيابة أمن الدولة حول معاني "الارتداد" المتضمنة فيه.
من مؤلفات القمني الأُخرى: "النبي إبراهيم والتاريخ المجهول" (1996)، و"الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية" (1996)، و"حروب دولة الرسول" (1996)، و"قصّة الخلق" (1999)، و"الفاشيون والوطن" (1999)، و"النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة" (1999)، و"إسرائيل التوراة والتاريخ التضليل" (2000)، و"الإسلاميات" (2001)، و"الإسرائيليات" (2002)، و"الجماعات الإسلامية: رؤية من الداخل" (2004)، و"أهل الدين والديمقراطية" (2005)، و"انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح" (2010).