- تطرق أبو ستّة إلى دور الطب والمؤسسات الطبية كالهلال الأحمر الفلسطيني في دعم النضال الفلسطيني، مؤكدًا على أهمية الرعاية الصحية في مقاومة الاحتلال والإبادة في غزة.
- أكد على تعميق الارتباط بغزة بعد سنوات من الصراع، مشددًا على ضرورة مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الذي وصفه بالقاتل المتسلسل، مشيرًا إلى أهمية اتخاذ قرار حازم بالمواجهة.
ضمن "أسبوع فلسطين" الذي نظّمته "الجامعة الأميركية" في بيروت مؤخّراً، حلَّ الطبيب الفلسطيني غسّان أبو ستّة ضيفاً على صاحب "بودكاست تقارُب"، المدوّن وصانع المحتوى الفلسطيني أحمد البيقاوي، حيث تشاركا الحديث أمام الجمهور في حرَم الجامعة لمدّة تقرب من الساعتين، وبثّت الحلقة في الخامس عشر من آذار/ مارس الجاري، عبر قناة البيقاوي على منصّة "يوتيوب".
تناول أبو ستّة في بداية حديثه نشأته وخلفياته العائلية والعِلمية التي قَدِم منها، والتقاطعات بينهما التي أسّست لإرثٍ مُمتدّ من النضال الوطني بين أجيال العائلة وتفرُّعاتها، ثم انتقل للحديث عن ملامح من مقاومة الشعب الفلسطيني اليومية والمستمرّة منذ أكثر من خمسة وسبعين عاماً، مُعتبراً "أنّ كلَّ التضحيات الشخصيّة أمامها تبقى يسيرة، وفي ظلّ الحروب ننغمس في العمل الإغاثي والطبّي نتيجة شعور بالمسؤولية، ولكن بعد الحرب دائماً تكون الدوافع والجهود أكبر". واستطرد: "مجزرة تل الزعتر كانت الخطوة الأولى التي صنعت وعيي السياسي، على المستوى الشخصي، في ضرورة مقاومة الاحتلال، وسرعان ما تأكّدت هذه الرؤية بعد سنوات قليلة مع اجتياح بيروت عام 1982".
أصبح الارتباط بغزّة أعمق، سواء على المستوى الشخصي أو العامّ
وعن علاقة الطبّ والطبابة بحالة التحرُّر في السياق الفلسطيني، أكّد أبو ستّة هذه الميزة دوناً عن حركات التحرّر الوطني والنضال ضد الاستعمار حول العالم، حيث لعبت "نقابة الأطباء" و"الهلال الأحمر الفلسطيني" دوراً محوريّاً من بين كل مؤسّسات "منظّمة التحرير" حتى نهاية الثمانينيات وبداية "أوسلو"، التي كانت "سمّاً تطلّب الكثير من الوقت حتى يبرأ منه الجسد الفلسطيني، لأنّها لم تكن اتفاقية وحسب، بل ثقافة أيضاً"، ورأى في جدلية الطبّ والتحرّر الفلسطيني هذه "بُعداً تعبوياً مُهمّاً لحشْد الجماهير من خلال الرعاية الصحّية، والصمود أمام الإبادة الراهنة في غزّة، من قبل القطاع الطبي، هو امتدادٌ لهذه التجربة وبناءٌ عليها، لأن تدمير المستشفيات هو جزء من التطهير العِرقي".
وأوضح أبو ستّة "أنّ مرحلة الحصار، قبل العدوان، كان الهدف منها إبقاء الناس في مرحلة برزخية، ما بين الموت غير المكتمل والحياة المنتقصة، لكن ما حدث خلال الأشهر الماضية، وحالة التفاني المعمّمة هي ما حفظت القطاع الطبي بعمومه، رغم أنَّ آلة القتل الإسرائيلية كانت تنتقل من مستشفى إلى آخر، في محاولة لتيئيس المعنويات وتحطيم كلّ ما يصادفهم".
وختم صاحب "سردية الجرح الفلسطيني" حديثه بالقول: "بعد كلّ هذه الدماء، أصبح الارتباط بغزّة أعمق، سواء على المستوى الشخصي أو العامّ، وهذا الارتباط وحده ما سيرسم لي ما تبقّى من هذه الحياة، نحن كنّا نعيش في ظلّ احتلال قاتل وأزعر، وبعد السابع من أكتوبر تبيّن لنا ولغيرنا أنه قاتل متسلسل، وبالتالي يجب أخذ قرار حازم بمواجهته، منّا أو من غيرنا، القاتل المتسلسل مجرّد أن يرتكب أوّل جريمة لن يكون قادراً على التوقّف".