"غداً وهناك" لنعمان حمدة: كائناتٌ في حلقة مفرغة

16 ديسمبر 2022
(من المسرحية)
+ الخط -

مجموعةٌ من الأصدقاء يلتقون مُجدَّداً، بعد فترة طويلة من الفراق، لحضور حفلة عيد ميلاد، فيجدون أنفسهم في مكان غريب؛ فضاءٌ مغلَق متعدّد الأبواب والمنافذ، لكنّهم لا يخرجون منها إلّا لتُعيدهم إلى المكان نفسه. وهذا الوضعُ سيكون كفيلاً بدفعهم إلى تأمُّل أنفسهم واختلافاتهم.

ضمن هذه الأجواء تدور مسرحية "غداً.. وهناك" من إخراج نعمان حمدة وإنتاج "المسرح الوطني التونسي"، والتي قُدّم عرضُها الأوّل في "قاعة الفنّ الرابع" بتونس العاصمة نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وتُقدَّم مُجدَّداً ضمن سلسلةِ عروضٍ تبدأ اليوم الجمعة وتستمرّ حتى بعد غدٍ الأحد في القاعة نفسها.

المسرحية هي مشروعُ تخرُّج طلّاب الدفعة الثامنة في "المدرسة التطبيقية للحِرَف المسرحية" بـ"المسرح الوطني التونسي" لعام 2022، وهي من كتابة ودراماتورجيا مريم السوفي، وأداء كلّ من: ثواب العيدودي، ولينا جردق، وعيّاض حامدي، ونادية بالحاج، ومريم التومي، ومحمد عرفات القيزاني، وحلمي الخليفي، وأنيس كمّون.

أمّا نعمان حمدة، فبدأ عمله في المسرح نهاية الثمانينيات، قبل أنْ يؤدّي أوّل دورٍ له على الخشبة عام 1995 في مسرحية "عشّاق المقهى المهجور" للفاضل الجعايبي، ويكتب نصوصاً للمسرح من بينها: "قصر الشّوك" و"سباحة حرّة"، ويُخرج عدداً من الأعمال المسرحية؛ من بينها: "كاوو" (2015) و"سكون" (2019).

وإلى جانب ذلك، يعمل حمدة أستاذاً في "مدرسة الممثّل" التابعة للمسرح الوطني التونسي، وهذا الجانب يحضر في مسرحيته الجديدة بشكلٍ واضح؛ إذ اختار أنْ تكون خشبةُ المسرح فيها خاليةً تماماً من الديكور والإكسسوارات، مكتفياً بالإضاءة. وهذا الفراغ، يجعل الممثّلين مدفوعين إلى تعويضه بأدائهم الذي يأخذ، كما الأحداث، منحىً تصاعُدياً طيلةَ ساعة ونصف من عمر العرض، منعاً للوقوع في الرتابة.

تجتمع في المسرحية شخصياتٌ مختلفة فكرياً. ورغم أنَّ همّاً واحداً يجمع بينها، وهو البحث عن مخرجٍ من المتاهة المغلقة التي وجدَت نفسها عالقةً فيها، فإنّها تنشغل بما يُفرّق بينها، وتشبّث كلّ منها بأفكارها ومعتقداتها. يخلق ذلك توتُّراً وعنفاً ينتهيان بجريمة قتل، في ما يُشبه تحذيراً من المصير القاتم الذي سيأتي إنْ لم يجرِ تدارُك الوضع.

المساهمون