لئن كانت القضية الفلسطينية تأخذ مكانةً مركزية في الفنّ التشكيلي الفلسطيني، فإنّ المكانة التي تحظى بها في الفنّ التشكيلي العربي لا تقلّ أهمّية؛ إذ تحضر في أعمال كثير من الفنّانين في لبنان وسورية والأردن ومصر وفي بلدان الخليج والمغرب العربي، الذين عبّروا، من خلال أعمالهم، عن نصرتهم للحقّ الفلسطيني.
هذا الحضور اللافت يُبرزه معرض جماعي بعنوان "فنٌّ من أجل القضية"، يحتضنه "غاليري صالح بركات" في بيروت منذ السادس والعشرين من كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي وحتى الحادي عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، ويضمّ أعمالاً عن فلسطين لفنّانين من فلسطين وسورية ولبنان والجزائر والعراق ومصر والمغرب.
يقترح المعرض مجموعةً مختارة من الأعمال لفنّانين سلّطوا عبر تجاربهم الضوء تاريخياً على القضية الفلسطينية؛ وهُم: ضياء العزاوي، وأيمن بعلبكي، ومصطفى الحلّاج، وفاتح مدرّس، وبرهان كركوتلي، وتغريد درغوث، وأسامة بعلبكي، وإميل منعم، ويوسف عبدلكي، وعارف الريّس، وعبد الرحمن قطناني، وكاتيا طرابلسي، ومحمد الروّاس، ونذير إسماعيل، وفوزي بعلبكي، ومحمد مليحي، وحلمي التوني، ورفيق شرف، وجومانة الحسيني، ورشيد قريشي.
وذكر الغاليري في بيانٍ حول المعرض: "بينما يحمل بعض الناس السلاح، يستخدم الفنّانون وسائل مختلفة للمقاوَمة، موظّفين قوّة الصور واللون والخط، لتسليط الضوء وتعميق الفهم"، مُضيفاً: "النظرة غير المباشرة يمكن أن تُغيّر وتُحرّك القلوب والعقول. يوفّر الفن هذه الطريقة القوية للرؤية، ونحن نحتفل بهذه الإنسانية بينما نواصل التواصل مع الشعب الفلسطيني ودعمه في هذا الوقت الذي يعيش فيه أزمة إنسانية غير مسبوقة".
وأكّد صاحب الغاليري، صالح بركات، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "الغاية من هذا المعرض هي التضامُن المُطلَق مع غزّة، نحن لا نقبل أن نحتفل بنهاية العام، وأهلُنا في غزّة يُذبحون يومياً على يد "إسرائيل"، وبالتالي قرّرنا أن نقيم هذا المعرض كنوع من التشارُك والتعريف بالفنّ الذي يمثّل القضية الفلسطينية، ولإظهار حجم انتماء الفنّانين العرب لهذه القضية، ووجودها في وجداننا، كما تُظهر هذه اللوحات أنّ الجرائم الإسرائيلية بحقّ الشعب الفلسطيني لم تنقطع، وهي تُعيد لتُكرّر نفسها".
وتابع: "يتجلّى في لوحات الفنّانين مدى القهر الفلسطيني، جرّاء الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، وهذه المشاهد ما زلنا نراها اليوم. في هذه التشكيلة الخاصة التي جمعتها عبر 35 عاماً، ربما لم يتغيّر من المشهد سوى استبدال النابالم بالفوسفور الأبيض! بدءاً من أقدم لوحة في المعرض لفاتح مدرّس، والتي رسمها بالقدس عام 1966، وصولاً إلى أحدثها، وهو العمل الذي أنجزه أسامة بعلبكي قبل عامين".
وتتصدّر لوحة "المُلثّم" لأيمن بعلبكي المعرض، حيث أصرّ بركات أن تكون في الصدارة خاصة بعدما مُنعت لوحة أُخرى شبيهة بها للفنّان نفسه، من أحد المزادات الفنّية في بريطانيا بتشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وختم بركات "عرضُ هذه اللّوحات هو بمثابة إعلان انحيازنا الواضح لقضيّة فلسطين دون أي تردّد".