عُشب الوقت يُفتِّت حجَر الذكرى

08 سبتمبر 2024
جميل ملاعب/ لبنان
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- النص يعبر عن تداخل الأحلام والواقع، حيث يتساءل الكاتب عن حقيقة المشاهد التي يراها ويشعر بها، ويصف الشارع والضجيج والذات الهاربة.
- يتناول النص فكرة الفن والإبداع، مشيرًا إلى أن الفن يتطلب وقتًا وتأملًا، ويعبر عن الرغبة في كتابة القصائد الجميلة التي تضيء العالم.
- يعبر الكاتب عن مشاعر العطش والبحث عن الكلمات المستحيلة، ويعيد اكتشاف الواقع في أحلامه، متسائلًا عن مكان الحياة الحقيقية بين الأحلام واليقظة.

أتذكّرُ أنني حلمتُ بهذا المشهد
أم أنني أحلم به الآن؟
الشارع
والضجيج
ذاتي هاربة أبدية
وخطواتُ جسدي
تتلكّأ خلفها
أرفع يد ابني إلى شفتيّ وأقبّلُها
فتبتسم لي امرأةٌ غريبة
لامَس كتفُها كتفي وهي تمرّ
هل رأيتُ وجهها من قبل؟
أم أنني حلمتُ به؟
قبل ثانية فقط من استيقاظنا
قبل ثانية فقط من موتنا
تتدفّق الحياة بلا سؤال
من أُلفة وجهٍ يبتسم للحبّ
في الشارع

كما في حُلم 
كلُّ شيء يبدو مؤقّتاً 
الشارع
والضجيج
وذاتي…
كلّ شيء يُوشك على التلاشي
مثل صورة في الخيال
لا أفكّر باللحظة التي أقف على حافتها
أفكّر فقط كيف أكتب عن الأشياء السيّئة
بطريقة جميلة
كيف أنني إذا أضأتُ مكاناً
سيُضيء العالَم
وإذا فكّرتُ طويلاً بالزهرة
سينتهي الأمر
بأن تنبت في قلبي

الموسيقى تأتي من بعيد
من أسطوانة تدور في الزمن
من قنديل انكسر
في حُلمي البعيد
من عُشب الوقت وهو يُفتِّت حجَر الذكرى
النداء في الحُلم... دافئٌ
كأنّ أحدهم يُنادي عليّ بصوتيَ الخاصّ
كأنّني أُعانق نفسي 
وأَبكي في السرّ
من هُنا
من هذه الغرفة الضيقة
التي أَتأمّلُ منها العالَم
كلّ شيء يبدو هادئاً ومؤثّراً
كلّ شيء
مهما بدا عابراً
يملأُ قلبي بالعواطف
وعينيّ بالدموع

"الفنّ يتطلّب وقتاً
ربّى مونيه زهورَه قبل أن يرسمها"
لا بدّ أنني قرأتُ هذه الجملة في مكان ما
أو ربّما أكون حلمتُ بها
أو ربّما 
رغبتُ بشدّة أن أَكتب مثلها
فصدري مزروع بالقصائد
حتى تلك التي
لن تخرج منه أبداً
أحياناً أشعر بأنني أحلم بالقصيدة
لا أكتبُها
فقط أضعها في كوب ماء
مثل أوركيدية على منضدة
وأفرح بها

تانتالوس
هل ما زلتَ تحلُم بالماء؟
أم ما زال يتلاشى في أحلامك؟
أنا أحلم بالعطش 
وأستيقظ بحنجرة جافّة
تبحث عن كلمة مستحيلة
تانتالوس
أُريدُ حلماً رقيقاً
من ماء نقيّ وكلمات
أُطعمه لهذه الأرض القاحلة

أُعيد اكتشاف الواقع في حلمي
ملايين المرّات
حيث لا أحد يُحاسبني
ولا من يدلّ خطوتي
على طُرق مرسومة في فورة من الحماسة
وكلّما أغمضتُ عينيَّ 
انجلى الواقع المغبّش
وكلما فتحتهما
عَميتُ
هكذا أنام
لكنّني أظلُّ أحلم بالكوابيس التي تنتظرني 
حين أستيقظ

هذه جملة أتذكّر من قالها
"حتى عندنا نمتُ جيّداً، حلمتُ أنني مستيقظ"
مثل تشارلز سيميك
أَنام وأَحلم باليقظة
أَستيقظ وأَشعر بالأحلام
لم أُقرّر بعد 
أين تقع الحياة الحقيقية
أحياناً 
أنظر إلى زهرة في الماء
أوركيدية على منضدة
وأُفكّر أنّ الحياة هُناك
داخل الزهرة
داخل القصيدة
وأن لا شيء داخلي سوى العدم
ورغبة طفولية قديمة
تصعدُ في روحي مثل نبتة خضراء:
لا أُريد أن أموت أبداً.
 

* شاعرة لبنانية مقيمة في فرنسا
 

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون