في نيسان/ إبريل عام 1952، عُرضت مسرحية "الكراسي" لأوجين يونسكو في باريس لأول مرة، لتثير موجة عاصفة من الانتقادات، حيث كُتبت مراجعة قاسية تتهم مؤلّفها بالتناقض غير المقنع، وخرج الجمهور من الصالة ليتكرر الأمر في عروض لاحقة لم يشاهدها سوى يونسكو نفسه برفقة زوجته وابنتهما الصغيرة.
العمل الذي لم يلق استحساناً من قبل النقاد والمشاهد العادي، تم إحياؤه مجدداً سنة 1956 ليجد نجاحات كبيرة، ربما لأن الأسئلة حول فقدان المعنى بعد الحرب العالمية الثانية تصاعدت حدّتها أكثر في الغرب كلّه، وبدت أفكار المخرج الروماني الفرنسي مقبولة أكثر حول العالم غير العقلاني الذي يعيش فيه البشر، حيث لا معنى لوجودهم، وعليهم قبول المسؤولية عن أفعالهم.
المسرحية التي تُرجمت إلى لغات عدة وقدّمت بمعالجات كثيرة، تُعرض عند السابعة والنصف من مساء الأحد المقبل في المركز الثقافي بمدينة الحاجب (140 كلم شرق العاصمة الرباط) من إخراج عزيز الحاكم، وإنتاج "فرقة بابل للثقافة والفن".
يشارك في التمثيل كلّ من الفنانين هالة الحلو وحسن بوعنان إلى جانب المخرج، كما أُسندت السينوغرافيا إلى عبد الصمد الكواكبي، والأزياء والملابس إلى نادية الصديقي، وإدارة الإنتاج والتقنيات إلى عبد اللطيف العسري وسعيد الودغيري.
يلتزم المخرج بالحبكة الأساسية للمسرحية، حيث يدور الحوار بين رجل وامرأة عجوزين حول كل شيء في هذه الحياة، بدءاً من الحب، ومروراً بالخوف والأمل، وانتهاء بالموت؛ حوارات تجمعهما أثناء انتظار هذين الزوجين ضيوفاً، لا يمكن للمشاهد رؤيتهم، إذ كلما حضر ضيف ظهر كرسي دلالة على وجوده، الى أن تحتشد خشبة المسرح بالكراسي، وتبدأ بعد ذلك عملية التلاشي، في لحظة يصبح الرجل عاجزاً عن الكلام مع ضيوفه.
النص المركّب الذي دافع عنه قليل من النقاد بعد تقديمه، منهم صموئيل بيكيت الذي تأثّر بأجوائه، وكان دافعاً لكتابة نصّه "في انتظار غودو" الذي عُرض على الخشبة بعد "الكراسي" بعام واحد فقط، وأراد المؤلّفان قول الشيء نفسه، إن الدمار الذي تسبّب بمقتل أكثر من خمسين مليونا في حرب كونية، لا ينتج رابحاً وخاسراً، فالجميع متساوون في الخسارة.
ومن أجل إضافة المزيد من الكوميديا السوداء على المسرحية، ينوب شخص أبكم عن الرجل الحديث في الكلام مع ضيوفه، لينتهي العرض كما كتبه يونسكو ويقدّمه الحاكم برمي الزوجين نفسيهما من النافذة، في إحالة إلى عبثية الوجود.