"عدالة المكان".. تاريخ سُوريّ تكتبه النساء

03 يونيو 2024
+ الخط -
اظهر الملخص
- "عدالة المكان" كتاب يروي تاريخ سوريا من منظور نسائي، يركز على تجارب التهجير القسري في الزبداني، مضايا، وداريا، معتمدًا على شهادات ست نساء سوريات.
- يجمع العمل بين السرد النسوي والأنثربولوجيا، مؤكدًا على أهمية عدالة المكان والتجارب الفردية للنساء في إعادة تشكيل الأحداث السياسية والاجتماعية.
- يهدف الكتاب إلى تحدي التجريد والترقيم للضحايا، مسلطًا الضوء على أهمية مساهمات المرأة في التاريخ والمجتمع، ويفتح المجال لمناقشة أوسع حول دور النساء في صناعة التاريخ.

تاريخٌ سوريّ ترويه وتكتبه النساء. بهذه الكلمات يُمكن أن نصِف كتاب "عدالة المكان" الذي صدر حديثاً عن منظّمة "النساء الآن"، وخُصِّص لثلاث مناطق سوريّة: الزبداني ومضايا وداريّا، التي تعرّض أهاليها للتهجير القسري الذي كان من وسائل قَمْع النظام للانتفاضة السورية، ونُفّذ على مراحل مختلفة خلال العقد الماضي منذ عام 2011.

يضمّ الكتاب شهادات وقصصاً لِستِّ نساء سوريّات، هُنَّ: نسرين العبدالله (الزبداني، مضايا)، وفيروز (مضايا)، و"الدمشقيّة" (اسم مستعار، الزبداني)، و"شعاع الأمل" (اسم مستعار، الزبداني)، وسميّة الخولاني (داريّا) وياسمين شربجي (داريّا)، وقد أعدّته الباحثتان سلمى كريم وأمل عمّار من "وحدة البحث النسوي" في المنظّمة، وهو الأوّل من سلسلة تُغطّي سياق التهجير القسري في ريف دمشق منذ 2011، وسيُطلَق الجزء الأوّل بنسختيه العربية والإنكليزية عند السادسة والنصف من مساء اليوم الاثنين في مكتب "شبكة فبراير" ببرلين، خلال جلسة نقاش تُديرها الروائية والطبيبة نجاة عبد الصمد.

يُقاطع بين السرد النسوي ومفاهيم الأنثربولوجيا وعدالة المكان

ليس الكتاب جَمْعاً للشهادات فقط، بل هو إعادة تشكيل لأحداث سياسية بالاعتماد على أنثربولوجيا نسوية أعادت ترميم ثغرات ما بين المرويّات. نقرأ في المقدّمة: "هل للمكان عدالة؟، نعم، للمكان عدالة من عدالة أصحابه وسكّانه وساكناته، للمكان روحٌ تتغيّر بتغيُّر من يعيش فيه، للمكان مشاعر تتجاوب مع مشاعر من فيه. نحن وأماكننا كلّ لا يتجزّأ، والجريمة التي ارتُكبت بحقّنا وحقّه لها أبعادٌ أعمق من أن تُلخَّص بقانون أو محكمة أو قرار".

الصورة
امرأة سورية - القسم الثقافي
امرأة سوريّة تجلس في "حافلة الحرّية" التي تُذكّر بالمُعتقلين في سُجون النظام، باريس، 2018 (Getty)

يهدف العمل، أيضاً، وفقاً للقائمات عليه إلى "نزع مفهوم التجريد والترقيم والتجميع للضحايا، هُنّ لسنَ أرقاماً، ولا مجموعات من الأفراد المتشابهة، فلكلٍّ منهنّ حكايتها وتجربتها وشخصيّتها وأحلامها وواقعها". وهذا يقودنا إلى التأمّل في راهن مُماثل تعيشه نساء غزّة، وفي حال التاريخ بوصفه مرويّات ومناهج يكتبُها ويصنعها الرجال، وعلى الأغلب هُم "أبطال" الساحة والمشهد، في ظلّ تغييب مُتعمَّد وسائد لأصوات النساء. وفي هذا السياق تستشهد القائمات على العمل بمقولة للناشطة والباحثة النسوية الباكستانية ماهنور سارغانا: "تخيَّل أنّ كُتُبَ التاريخ مليئة بالنِّسَب الصحيحة لمُساهمة المرأة في التاريخ. سوف ينمو جميع قادة المستقبل مع فكرة أنّ مساهمة المرأة في جميع جوانب المجتمع هي القاعدة".

يستحضر الكتاب (300 صفحة)، بدءاً من عنوانه، منهجيةً تقاطُعية مع السرد النسوي، وتتمثّل بمفهوم عدالة المكان التي اشتغل عليها المعمار الأميركي إدوارد سوجا، بما هي "التوزيع العادل والمُنصِف في فضاء الموارد ذات القيمة الاجتماعية وفرص استخدامها". وحقيقةً إنّ مقدّمة العمل، وبطرحها هذه الرؤية المنهجية في تأريخ الأحداث، تفتح كُوىً في جدار كتيم ومُحتكَر، وتُشكّل مدخلاً يستحقّ الوقوف عنده، فضلاً عن الموضوع الأساسي؛ أي أصوات النساء المشاركات وتجاربهنّ، الذي لا ينفصم عن المقدّمة بطبيعة الحال.

يُشار إلى أنّ الأجزاء التالية من العمل ستتناول مناطق مختلفة من ريف دمشق؛ مثل: دوما، وحرستا، وسقبا، وعربين، والقابون، ويلدا، ومُخيّم اليرموك، والحجر الأسود، ومعضّمية الشام.
 

المساهمون