عثمان علي الفكي.. استعادة نصوص مسرحية

10 اغسطس 2021
(المسرح القومي في مدينة أم درمان السودانية)
+ الخط -

يُعدّ عثمان علي الفكي (1950) أحد أبرز الفاعلين في الحركة المسرحية السودانية منذ سبعينيات القرن الماضي، على مستوى الكتابة والإخراج والنقد والتمثيل، ولم تكن مشاغله على الخشبة بمعزل عن انخراطه في المشهد الأدبي في بلاده من خلال كتابة القصة القصيرة التي نال عنها أكثر من جائزة.

مثل العديد من مجايليه، اهتمّ الفكي بمضامين سياسية واجتماعية عبر تناوله قضايا تتعلّق بالفقر واستغلال الفقراء من قبل أصحاب رأس المال الذين لا همّ لهم سوى مصادرة أحلامهم، وقدّم ذلك كلّه في أسلوب نقدي يعتمد على السخرية تصل أحياناً كثيرة إلى العبث.

صدر حديثاً عن "مركز عايدابي لفنون المسرح" كتاب "حكاية المدينة س ومسرحيات أخرى" لعثمان علي الفكي، بتقديم سعد يوسف عبيد، ضمن منشورات المركز لعدد من الفنانين والباحثين المشتغلين في المسرح، والتي يُتيح تصفّحها في نُسَخ رقمية على موقعه الإلكتروني في مرحلة لاحقة من نشرها.

الصورة
غلاف الكتاب

تشير المقدمة إلى أن الفكي لم يحاول تسجيل جوانب من سيرته الذاتية في نصوصه المسرحية، لكن مفردات هذه المسيرة المتعدّدة قد انعكست على نصوصه فجاءت متنوّعة من حيث الشكل الفني والقضايا المطروحة فيها، وإن كانت هنالك بعض القضايا التي ظلّت تشكّل هاجسه الأكبر رغماً عن التحولات الاجتماعية والسياسية التي شهدها المجتمع السوداني خلال عقدَي السبعينيات والثمانينيات، وهي الفترة التي كتب فيها مجموعة من المسرحيات تضمّنها هذا الكتاب.

يتضمّن الكتاب النصوص التالية: "حكاية المدينة س"، و"الطائر المجروح"، و"سارق الأحلام"، و"الحافلة"، وتدور جميعها، بحسب عبيد، حول قضايا المسحوقين وما يتعرَضون إليه من قمع وضغوط اقتصادية وسياسية لها أثرها البالغ على التركيبة الاجتماعية، فمسرحية "حكاية المدينة س" تصوّر مدى استغلال الرأسمالية لحاجة الفقراء التي تجبرهم على فعل أي شيء من أجل كسب المال الضروري للعيش.

ويوضّح التقديم أيضاً بأن مسرحية "سارق الأحلام" تتناول مواضيع متشابهة لشخصيات تحمل المصائر ذاتها لأبطال المسرحية سالفة الذكر، بينما تعود مسرحية "الحافلة" إلى الصراعات الجانبية بين المهمشين أنفسهم والتي تضيّع عليهم فرصة اللحاق بالحافلة التي تنقلهم إلى واقع أفضل، وهو يقترب من مضمون مسرحية "الطائر المجروح" التي يتلهّى أبطالها بالثرثرة دون أن يبذلوا جهداً من أجل الوصول إلى هدفهم.

ويضيف عبيد: "لعلّ قارئ هذه المجموعة من مسرحيات الفكي يلاحظ أنها من حيث المضامين تُظهر بوضوح فلسفته في الحياة، ومن حيث اللغة يمكن ملاحظة أنه كلما أوغل في التجريب والابتعاد عن الواقعية يستخدم اللغة العربية الفصيحة التي قد تعلو حتى تصل مرتبة الشعر كما في "الطائر المجروح" و"الحافلة"، بينما يلجأ إلى العامية المستخدمة في "سارق الأحلام"، أو يخلط بينها وبين الفصحى كما في 'حكاية المدينة س'".
 

المساهمون