رغم أنه أحد الفنّانين الجزائريّين البارزين في الأغنية الشعبية، إلّا أنَّ اسم عبد القطاف (1949 - 2011) قليلاً ما يُذكَر عند الحديث عن هذا النوع الموسيقي الذي يُعرَف به مدينة الجزائر العاصمة. وسببُ ذلك هو ابتعادُه عن الأضواء وعدم توثيقه أعماله؛ حيث كان نادر الحضور في وسائل الإعلام، ولم يُصدِر سوى شريط يتيم قبل سنةٍ واحدة من رحيله.
أمس الخميس، احتضنت "دار عبد اللطيف" في الجزائر العاصمة، بتنظيم من "الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي"، يوماً تكريمياً للفنّان الراحل، تزامُناً مع ذكرى رحيله العاشرة، تضمّن شهادات عن تجربته الفنية، وعرض شريط وثائقي قصير عنه، إلى جانب عرض تسجيل نادر له يعود إلى سنة 2006؛ حين قدّم حفلاً موسيقياً ضمن فعاليات "مهرجان الأغنية الشعبية".
في مداخلته، أشار الباحث في التراث الموسيقي الجزائري، عبد القادر بن دعماش، إلى أنَّ قطاف، الذي بدأ مسيرته الفنّية نهاية الستّينيات، تميَّز بأسلوب خاصّ به لا يُشبه غيره مِن مُطربي الشعبي، مضيفاً أنه "استطاع، بفضل أدائه الاحترافي وتمكُّنه مِن فنّيات الموسيقى الشعبية مِن أن يترك بصمته في هذا الطابع الموسيقي".
وإلى جانب موهبته الموسيقية، يُضيف بن دعماش أنّ قطاف كان ملمّاً بقصائد الملحون وسيَر شعرائها؛ من أمثال بن مسايب، وسيدي لخضر بن خلوف، وبن سهلة.
ويلفت بن دعماش إلى أنَّ قطاف تميّز عن غيره من مُطربي الشعبي بتمكُّنه مِن الطبوع الموسيقية الأُخرى؛ مثل الأندلسي والبدوي والقبائلي، مضيفاً أنَّ شعبيته تجاوزت مدينة الجزائر إلى مدن جزائرية أُخرى؛ مثل قسنطينة وسكيكدة وجيجل في الشرق، وغرداية في الجنوب؛ حيث كان يتردّد على هذه المدن لتقديم حفلاته الموسيقية.
مِن جهته، قال الشاعر والملحّن رشيد رزّاقي إنَّ عبد الله قطاف بذل جهداً كبيراً، طيلة مسيرته الفنّية، في البحث عن القصائد المفقودة لكبار شعراء الملحون الجزائريّين، وغنّى كثيراً منها بأداء متميّز، مُعرباً - في هذا السياق - عن أسفه لعدم وجود أرشيف سمعي بصري يُوثّق لتجربة الفنّان الراحل.