في نصّه "الحب المتهدّل أو أغنية القطار الشبح" الذي صدر عام 1976، توارى الكاتب المسرحي والروائي الإسباني فرناندو أرابال خلف التورية والرمزية في مرحلة حكم الدكتاتور فرانكو، حيث تجمع المسرحية بين بهلوانين يعملان في منجم؛ عجوز وشاب، حيث استمدّ حواراتهما من الواقع آنذاك، ليتناول بطريقته القمع والاستبداد.
يظهر البهلوان في النصّ رمزاً للجدّ والاجتهاد في مدينة رحل سكّانها عنها في ظلّ اليأس والإحباط من إمكانية التغيير، بعد أن انتشر الوباء وهاجر معظم عمّال المناجم من المدينة وأصبحت تشبه المقابر. وهنا يحضر التساؤل حول دور الفنان الذي يسعى نحو الحرية.
يقتبس المخرج المسرحي المغربي عبد اللطيف عسول نصّ فرناندو أرابال في مسرحيته الجديدة "الحبل"، التي تُعرض عند السادسة من مساء السبت المقبل في قاعة " المركب الثقافي/ الفداء" بمدينة الدار البيضاء في عرضها الأول.
يشارك في العمل كلّ من الممثلين: سعيد وقاص، وعبد الغفار لمزيبري، ورشيد أغزال، بالإضافة إلى الفريق التقني الذي يتكوّن من رشيد طه ياسين، وسعيد خرموي وكمال بوري، وهو من إنتاج "الجمعية المغربية لفنون الأداء والعرض".
يقارب عسول بُعداً آخر في المسرحية يتعلّق بثلاثة عمّال سابقين بالمنجم يبعثون من الأنقاض، حيث يسرد كلّ منهم معاناته بدقة شديدة إلى أن يكتشفوا أن معملاً لتصدير "لحوم البشر" حلّ محلّ المنجم المغلق منذ أكثر من عشر سنوات.
على اختلاف الشخصيات وتباين خلفياتها الاجتماعية والثقافية، إلا أن الأدوار الثلاثة تمتلك وعياً مشتركاً تجاه ما جلبته الحرب والحكم المستبد من دمار وموت حلّ بالمكان وحوّله إلى مدينة أشباح، وفي ما سيكون الموت مصير أحدهم فوق المنجم الذي امتصّ جهده وعمره، حيث يصعد إلى الحبل وتهاجمه طائرة حربية، في نهاية فانتازية، بينما يتواصل الحوار بي الشخصيتين الأخرييين حول أولئك الذين شكلوا ثرواتهم وسلطاتهم من خلال استغلال فقر الناس وحاجتهم.
يُذكر أن مسرحية "الحب المتهدّل أو أغنية القطار الشبح" قدّمها أكثر من مسرحي مغربي، منهم إدريس الطلبي عام 2005، والشريف وكلاندور سنة 2007، علماً بأنه نقلها الشاعر والمترجم المغربي محمد السرغيني للعربية لأول مرة عام 1986، حيث صدرت عن سلسلة "من المسرح العالمي" في الكويت.