رحل أمس الاثنين القاصّ اليمني عبد الكريم المقالح (1976 – 2021) في صنعاء، إثر تعرّضه لنوبة قلبية، وهو يُعَدّ أحد أبرز كتّاب القصة في الألفية الثالثة في بلاده، إلى جانب عمله في الصحافة الثقافية مترجماً ومحرراً وكاتب مقال.
نال الراحل شهادة الثانوية العامة سنة 1997، وكان أحد الأعضاء المؤسسين لنادي القصة اليمنية (إل مقه) عام 1999، الذي اهتمّ بإصدار مؤلّفات في السرد للكتّاب اليمنيين من أجيال مختلفة، وبتنظيم الفعاليات المتخصّصة في القصة القصيرة، حيث ساهم المقالح في اللجان التحضيرية للعديد منها.
تفرّغ المقالح للعمل الصحافي، حيث التحق بصحيفة "الثورة" اليمنية محرراً لملحقها الثقافي، وعمل سكرتير تحرير مجلة "اليمنية" التي أعادت إصدارها "الخطوط الجوية اليمنية" عام 2001، وترأس كذلك تحرير مجلة "سرد" الصادرة عن "نادي القصة اليمنية".
في كتابه "تطور الخطاب القصصي: من التقليد إلى التجريب: القصة اليمنية نموذجاً"، يرى الباحث اليمني إبراهيم أبو طالب، أن نصّ عبد الكريم المقالح ينفتح فيه بعض الكلام على بعضه الآخر، حيث يُكتب بتلقائية تميل إلى الشفاهية، لذا تظهر المفردات العامية والأجنبية وغيرها، وبهذا التداعي اللفظي تنبني معظم قصصه التي تتغلّب لغة الكلام فيها أكثر من لغة الكتابة.
ويشير إلى أن الجمل لديه تبدو قصيرة وسريعة، كأن الراوي يلقيها على مستمعيه، وهناك عدم مراعاة لبنية الجملة العربية المكتوبة، واقتراب من لغة الحياة بتلقائيتها، وقد يكثر في بعض المواطن في النص، حتى يغدو نوعاً من الحشو بجمل اعتراضية كثيرة ذات إيقاع ساخر، وتزداد السخرية في تعليقاته على كلّ شيء يصادفه أو يأتي في كلامه حتى في تصويب مفردات اللغة أو التعليق عليها نحوياً وصرفياً، وكلّ ذلك يجعل من القصة وأخواتها تميل إلى المقالية لكثرة الحشو وحضور القارئ المخاطب في كلّ فقرة تقريباً، وفي هذا خروج على مألوف الكتابة السردية، ودخول في المقالية المباشرة ذات الظل الخفيف أو الأسلوب الساخر.
حاز المقالح جائزة رئيس الجمهورية في الآداب والفنون عن فرع فن القصة عام 2003، وترك عدّة مجموعات قصصية، منها "غريب في الوقت الضائع" (2001)، و"حكايا صنعانية" (2003).
كتَب القاصّ اليمني سامي الشاطبي على صفحته في فيسبوك: "القاصّ الساخر.. يودعنا في لحظة مؤلمة من حيواتنا المبددة في سدم الضياع والتشتت والتشرد! هكذا ببساطة يرحل المقالح عبد الكريم.. ذبحة صدرية هي نتيجة تراكمات الأحزان والألم..".