كلّما افتُتِحت تظاهرة نحت لا نفكّر بأنّ ثمّة رجالاً ينفردون بقول شيء ما عن الذات والعالم، دون أن تشاركهم النساء في ضرب الصخور والأخشاب بالمطارق، ومواجهة المعادن المُذابة في الأفران هائلة الحرارة. سيكون أمراً استثنائياً العثور على مشاركات نسائية، في مجال لا يُنظر إلى انفراد الرجال به أي شكل من أشكال التميُّز والأفضلية. إنّه أقرب إلى القبول بعادات وتقاليد قديمة.
عليه، كان تسعة من أبرز نحّاتي مولدوفا يتقاسمون، مساء الأحد الماضي في معرضهم "صورة العالم في الحَجر والمعادن" بالدوحة، منحوتاتٍ غطّت فترة ثلاثين عاماً منذ منتصف التسعينيات حتّى العام الماضي. افتُتح المعرض في "المؤسّسة العامة للحي الثقافي - كتارا"، بحضور رئيسة وزراء مولدوفا نتاليا جافريليتسا وخالد السليطي مدير عام "كتارا"، احتفاء بالذكرى الخامسة والعشرين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مولدوفا وقطر.
قلّة قليلة من الأعمال تفلّتت من سيطرة البرونز مثل الغرانيت
ضمّ المعرض 28 قطعة فنّية تنوّعت في أشكالها وأفكارها، لكن اتّفق معظمهم على خامة البرونز، مادةً تعبير أساسية. إمّا أن يكون البرونز منفرداً أو مُتَّكئاً على قاعدة من الغرانيت أو الرخام أو الترافرتين، والأخيرة عبارة عن شكل كثيف متماسك من الحجر الجيري.
وفي بعض الأعمال تتعدَّد الموادّ من حول البرونز، فتبدو كأنّها ضيفة شرف على خامة المعرض، مثل الصّلب والألمنيوم والزجاج والخشب. بينما قلّة قليلة من الأعمال انزوت بخامات بعيدة عن سيطرة البرونز مثل الغرانيت والرخام.
قلّة قليلة من الأعمال تفلّتت من سيطرة البرونز مثل الغرانيت
المعاني وظلالها ورموزها تسيل من الخامات الصلبة، مثلما يكون مع "ذكريات طروادة" للنّحات ماكوفي فيكتور، حيث الحصان ليس برّياً بل عائداً من حرب يجرجر في أذياله بقايا العرَبات الحربية. و"طيور" و"شجرة مشذّبة" لـ داميان ميهاي يؤدّي فيها البرونز دور الحركة الشكلية كأنّه مسموح لك أن ترسم الطير والشجرة، بخطّ واحد إلى الأمام دون رجعة. و"الرائي" لـ بوستافانو جورجي، و"طريق الروح" لـ إيوان غروتشو، و"حلم باللّون الأخضر" لـ تيهانوشيوس رسلان، و"معزوفة البحر" لـ إيون زديرتشيوش، وغيرها من الأعمال المنتقاة بعناية، كي تعجب الفنان الفاحص وعابر السبيل.
جدير بالذكر أنّ "كتارا" سبق أن نظّمت مع سفارة مولدوفا لدى قطر العديد من الفعاليات المشتركة، نذكر منها: عرض "الفرقة الموسيقية المولدوفية الشعبية" بعنوان "فاسيل إيفو" (2014) ومعرض "اتصالات" الذي ضمّ 38 لوحة فنية لفنانين من مولدوفا. وفي عام 2020 نظّمت كتارا معرضاً فنّياً بعنوان "قطر في الماضي والحاضر والمستقبل" للمصوّر القطري علي عيسى النعيمي، في "متحف الفن الوطني" بمولدوفا.
يشار إلى أنّ المعرض يفتح أبوابه للزوّار من الساعة 10 صباحاً وحتّى 10 مساءً، في المبنى 47 معرض 2، ويستمرّ حتّى 28 حزيران/ يونيو 2022.