يشكّل الأرشيف العثماني أهمية كبرى بالنسبة إلى الشعوب التي حكمتها الأستانة، وفي مقدّمتها بلاد الشام التي ظلّت جزءاً من السلطنة لأكثر من أربعمئة سنة، ولا يزال قسم كبير منه خارج اطلاع الباحث والقارئ العربي، ومنها الصور الفوتوغرافية للمنطقة التي التقطت في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
افتتح الأحد الماضي في "المركز الثقافي الملكي" بعمّان معرض صور عن الأردن من أرشيف قصر "يلدز" التركي، بتنظيم مشترك من وزارة الثقافة الأردنية والسفارة التركية، وأُقيمَت على هامشه ندوة عن أهمية الأرشيف العثماني لمنطقة الشرق الأوسط، قدمها مدير "معهد يونس إمرة"، جنكيز إر أوغلو، والباحثان الأردنيان محمد خريسات وإيمان الهياجنة.
يضم المعرض خمسين صورة تُعرض للمرة الأولى، وهي تنتمي إلى أرشيف القصر العثماني الشهير الذي يقع في الشطر الأوروبي من مدينة إسطنبول، ويعود بناؤه إلى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وتضيء الصور على أبرز المعالم الطبيعية والمشاريع التي بنيت في العهد العثماني.
تركّز مجموعة من الصور على عملية شق سكة الحديد الحجازي، حيث أُنشئت العديد من محطاته في الأردن في مدن الزرقاء وعمّان ومعان وغيرها، وتوضّح الصور عمليات حفر مسار سكة الحديد، وبناء الجسور وشق القنوات المائية والأنفاق وتثبيت قضبان سكة الحديد.
ويحتوي المعرض أيضاً على صور للمواقع الأثرية في الأردن، وفي مقدّمتها مدينة البتراء في جنوب البلاد، حيث التقطت العديد من الصور لمعالمها الأساسية مثل الخزنة والدير والسيق، والمحكمة، وغيرها من الأوابد التي بناها الأنباط خلال القرن الثاني الميلادي، إلى جانب صور لمدن أثرية أخرى، منها مدينة جرش وما تضمّه من معابد ومسارح وأبنية شيّدها الرومان، لتشكّل واحدة من أهم مدن الديكابوليس (عشر مدن بنيت في الأردن وسورية وفلسطين في العصر الروماني).
ويتضمّن المعرض أيضاً صوراً فوتوغرافية لعدد من القلاع الصحراوية مثل القطرانة وعنيزة والعقبة والمدورة، وأخرى لمدينة عمّان في بدايات القرن العشرين، تظهر المدرج الروماني في وسط البلد، وما يحيط بها من محال وأبنية.
يُذكر أنه صدر في إسطنبول حديثاً كتاب مصور عن الأردن في القرن التاسع عشر، اختيرت صوره من مجموعة السلطان عبد الحميد الثاني الفوتوغرافية، التي تعرف باسم "مجموعة صور قصر يلدز الفوتوغرافية"، بمناسبة إعلان سنة 2020 عاماً للتبادل الثقافي بين تركيا والأردن، ويضمّ ستّاً وثمانين صورة.