تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "لا أنتمي إلى جيلٍ مُحدّد، ومدين للأجيال السابقة بالكثير من المعرفة"، يقول الكاتب العراقي في حديثه إلى "العربي الجديد".
■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟
- هذا المصطلح الغامض يحمل، في رأيي، الكثير من الاستفزازات، ويثير الكثير من التساؤلات والتقصّي والبحث. أعتقد أنَّ كلّ نصٍّ جديد، قائم على فكرةٍ جديدة، يُعتبر كتابة جديدة للمؤلّف، وأنَّ الكتابة الجديدة تختلف باختلاف المؤلّف والظروف المحيطة به. وإذا كانت هناك كتابة جديدة، فلا بد أن تشبه الواقع الجديد وقراءاته.
■ هل تشعر بأنك جزء من جيلٍ أدبيٍّ له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
- لا أشعر بأنَّني أنتمي إلى جيلٍ محدَّد، فأنا مدينٌ لكلِّ الأجيال التي سبقتنا بالمعرفة، مدينٌ لكلٍّ من غائب طعمة فرمان، فؤاد التكرلي، محسن الرملي، نجم والي، الذين كانت بداياتي معهم. مدين لسارتر، وبورخيس، ومارك توين، وجيمس جويس، الذين ألهموني للكتابة عنهم. مع اختلاف الأجيال والأعمار، يبقى هناك عامل مشترك يجمعهم، أَلا وهو حبّ القراءة والإخلاص للكِتاب؛ والكتابة المميّزة، بمختلف أزمانها، لا يمكن أن تحدّد من خلالها جيلاً معيَّناً تشعر أنَّك تنتمي إليه.
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- علاقة فكريّة وعمليّة، أصادق بعضهم لأكتسب الخبرة منهم. أمّا علاقتي مع البعض الآخر، فتقوم على القراءة فقط، ومن خلالها أتعرَّف على نِتاجهم الأدبيّ. هذا مهم جدّاً للتعرّف عليهم عن قربٍ في ما بعد، فهم سبقونا بالمعرفة ولديهم باع طويل في الأدب والكتابة الأدبيّة. هم تذكرة سفر عبر الأزمنة التي كانوا يعيشون فيها.
إذا كانت هناك كتابة جديدة، فلا بدّ أن تشبه الواقع الجديد وتقرأَه
■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- أنا بعيدٌ جدّاً عن البيئة الثقافيّة، لكنّني متابع جيّد لما يُنشر من إصداراتٍ ونتاجاتٍ أدبيّة. بعيدٌ عن الاجتماعات، لكن قريب من بعضهم؛ أحب الانزواء وعدم المشاركة. أحياناً أرغبُ بالمشاركة في بعض الندوات والتَّفاعل معها، لكن سرعان ما يتلاشى هذا التّفاعل بسبب بعض الأمور السلبيّة التي تصدر من مدّعي الثّقافة.
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- صدر كتابي الأول "الأدب الذي نحيا به" عن دار "جدل" في الكويت وأنا بعمر 36 عامًا، وهذا الكتاب كان ثمرةَ جهد ثلاث سنوات من العمل المتواصل والقِراءة المتواصلة، والبحث والتَّقصي حول الشخصيات التي ألهمتني في الكتابة والتي كان لها الأثر البالغ في الآداب العالميّة.
■ أين تنشر؟
- أنشر في بعض المنصّات الاجتماعيّة، وفي الآوِنةِ الأخيرة، بدأتُ أكتب وأنشر في الصحف العراقيِة والعربيِة، إضافةً إلى بعض المواقع والمدوّنات الأخرى.
■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- أقرأ بشكلٍ مخطَّطٍ له مسبقاً، وقراءاتي عادةً ما تكون ضمنَ حقلٍ معيَّن، مثلاً في الشِّعر أو الرِّواية أو الدّراسات الأدبيَّة، وليسَ بشكلٍ عشوائيّ. غير أنَّ ما يَهمّني من هذا كلّه هو الاستمرار في القراءة، وهذه هي المتعة.
■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟
- قراءاتي باللّغات الأخرى قليلة جدّاً، لكنّ قراءاتي للكتب المُترجمة كثيرة، وهذا مُهمّ أيضًا للقارئ، باعتبار أنَّها تُطلعنا على ثقافات الشعوب الأخرى وآدابها.
■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تُتَرَجم أعمالُك؟
- الترجمة تقنيَّة وفنّ، وتجب إجادة الاثنين. في ما يتعلَّق بالتقنيّة، في كل يوم لدينا موارد وأدوات جديدة للقيام بها بشكلٍ أفضل. أمّا كَفنّ، فيوجد تيّاران؛ أولئك الذين يرون أنَّ على المُترجم أن يَدخل في جوهر النّص، وأولئك الذين يرون أنَّه يجب تفكيكه. وهنا، أستعين بالسنسكريتية لتوضيح ما تعنيه كلمة ترجمة، أي: قول شيء بعد شيء، أو إثرَ شيء. أمّا عن أعمالي، فأنا أطمح لأن تكون هنالك نسخة مترجمة منها، لتصل إلى النصف الآخر من العالم.
■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟
- أعكف على كتابةِ دراسةٍ عن إحدى الشخصيات الأدبيّة البارزة، وأطرح عبر هذه الدراسة موضوعاً يهمّني جدّاً، وهو إعادة قراءة أعماله الأدبيّة بصورة جديدة ومُغايرة. كان هذا حلماً لي: أن أكتب عن هذه الشخصية. يهمّني أن يعرف القُرّاء أكثر هذا الكاتب ومدى تأثيره على الآداب العالميّة.
بطاقة:
كاتب عراقي من مواليد بغداد عام 1986، حاصل على شهادة في الإدارة والاقتصاد من "الجامعة المستنصريّة". صدر كتابه الأوّل، "الأدب الذي نحيا به"، هذا العام عن منشورات "جدل" في الكويت.