صلاح طاهر.. ذاكرة بصرية مشتركة مع الابن

16 يناير 2023
عمل لـ صلاح طاهر (1911 - 2007)، من المعرض
+ الخط -

ينتمي صلاح طاهر (1911 – 2007)، إلى الجيل الثاني من التشكيليين المصريين الذين تخرجّوا في ثلاثينيات القرن الماضي من "مدرسة الفنون الجميلة العليا" في القاهرة، وشكّلت المناظر الطبيعية أساس تجربته التي تبنّت الواقعية مثل معظم مجايليه، قبل أن ينزع إلى تجريد استمدّ فضاءاته من الموسيقى التي تعلّمها أيضاً.

زاوج الفنان الراحل بين العمل الأكاديمي والبحثي الذي امتهنه لسنوات طويلة، وبين إدارة المؤسسات الثقافية، ومن أبرزها "متحف الفن الحديث" و"دار الأوبرا" في بلاده، إلى جانب ممارسته الفن من منظور تجريبي عكسته معارضه الشخصية والجماعية التي أقامها على امتداد أكثر من سبعة عقود.

"التقاء الروح والجسد"، عنوان المعرض الاستعادي لصلاح طاهر الذي افتتح عند الخامسة من مساء أول أمس السبت، ويضمّ أعمالاً مختارة له إلى جانب أعمال ابنه أيمن (1970)، والذي يتواصل حتى الحادي والثلاثين من الشهر الجاري.

الصورة
(عمل لـ أيمن طاهر، من المعرض)
(عمل لـ أيمن طاهر، من المعرض)

يرصد المعرض الانعطافة الحقيقية في رحلة الأب خلال الستينيات حين تغيّرت نظرته الواقعية للبيئة والمجتمع، فابتعد عن التشخيص وقواعد المنظور ووحدة المكان ومصدر الضوء التي عكست تكوينه الكلاسيكي، مع ابتكار أساليب جديدة في انتقاء الشكل واللون والخط متأثراً بشكل رئيس بالفنان الروسي فاسيلي كاندينسكي والاهتمام بالأشكال في ما وراء الطبيعة.

ظلّت رؤيته الاجتماعية للفن حاضرة على نحو مختلف في المرحلة التجريدية، عبر رسم تجمعات بشرية بزخارف ريفية وشعبية تبدو قريبة في ملامحها من الأشجار وتظهر في خلفيتها عمائر إسلامية وأماكن ذات صلة بالواقع، لكنها تحتشد في مشهد خيالي.

يضمّ المعرض أيضاً لوحات نفّذها طاهر في الثمانينيات حيث ذهب إلى مزيد من الاختزال في التعامل مع الشكل وتقشفها الشديد في اللون والخطوط، حيث يسيطر على معظمها لون واحد مع استعارات للحروف العربية، وخاصة حرف "ح" الذي رسمه ضمن تنويعات متعدّدة.

من جهة أخرى، يُبرز المعرض لقاء بين الابن ووالده، ليس فقط بعرض أعمالهما التي تناولت الجسد الإنساني معاً، بل هو لقاء من نوع آخر، يستحضر تأثير الأب في شخصية ابنه وأسلوبه التشكيلي وأعماله التي تبدو كأنها امتداد له بشكل أو بآخر.

إلى جانب الجسد، يشترك الفنانان برسوماتهما بالحبر الأبيض والأسود التي تركّز على الصخب والحركة في العمل من خلال الاستفادة من التباين والتضادّ بين اللونين بدرجاتهما المختلفة والغنية، في قوالب تحاكي النوتة الموسيقية وتتناول العلاقة بين المرأة والرجل وإيقاعات الجسد واشتباكاته مع محيطه.
 

المساهمون