قليلة هي الفعاليات العربية المخصصة لكتاب الطفل، أو التي تناقش أُسس صناعة هذا النوع من الكتب، سواء على صعيد التأليف واقتراح المواضيع، أو من حيث وضع خطط للنشر والتوزيع. فغالباً ما تتوجّه الأنظار إلى معارض الكتب الرئيسية أو المركزية التي تقام في العواصم والمُدن الكبرى، والتي تُفرِد منصات هامشية لكتاب الطفل، الأمر الذي لا يُعزز حضوره، أو يقترحه كموعد سنوي.
يوم الجمعة الماضي (الثالث من شباط/ فبراير)، انطلقت في مدينة صفاقس التونسية فعاليات النسخة التاسعة والعشرين من "معرض صفاقس لكتاب الطفل"، والذي تستمرّ أنشطته حتى الثاني عشر من الشهر الجاري، حيث اجتمع قرابة ألف تلميذ بصحبة الأهالي والمدرّسين، في فضاء "معرض صفاقس الدولي"، تحت شعار "كتاب الطفل سفير لتنمية مستدامة".
وتشارك في هذه النسخة من المعرض قرابة أربعين دار نشر تونسية، إلى جانب مؤسسات تربوية وتعليمية معنية بأدب الطفل وثقافته من بُلدان عربية مختلفة، مثل: الجزائر ومصر وسورية وليبيا. كما سجّلت بعض الجمعيات والمجلات ذات الصلة بالشؤون التراثية حضورها في التظاهرة، كشكل من أشكال تقاطعية المعرفة، وتبادُل الخبرات.
لا تقتصر الأنشطة على بيع الكتاب بل تتضمن ندوات وعروض أفلام
يُشار إلى أنّ المعرض تمكّن بعد مسيرة تمتدّ لثلاثين عاماً (النسخة الأولى منه انعقدت عام 1993)، أن يتسجّل مؤخراً في قائمة المعارض الدولية والعربية المعتمدة من "اتحاد الناشرين العرب"، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن "صفاقس لكتاب الطفل" لا يقتصر على تجميع لمنصات بيع الكتب في مكان واحد، حيث تشتمل هذه النسخة على ندوات خاصة تتناول سبُل تطوير البحث في أدب الطفل، والعناية باختيار الموضوعات، إلى جانب عروض لأفلام متحركة، ومسابقة في الإملاء يشتركُ فيها طلاب المدارس، وكذلك توقيعات لكتب وإصدارات جديدة.
وتحت عنوان "التنمية المُستدامة في كتب الأطفال واليافعين: أي رصيد وأي وسيلة"، تنعقد ندوة عِلمية، اليوم وغداً، يُشارك فيها تربويون وأكاديميون تونسيون لبحث الصلة بين مفهوم التنمية المستدامة، بوصفه مفهوماً إجرائياً يمتد على قطاعات خدمية وحكومية أُخرى، وليس فقط التربية والتعليم أو الثقافة، وبين أدب الأطفال واليافعين، والتمييز بينهما كنوعين يكمّل بعضهما بعضاً، بقدر ما يمتاز كلٌّ منهما بخصائص وحساسيات لغوية وتعليمية دون الآخر.
وفي حين أشار المنظّمون إلى أنه من المتوقّع وصول أعداد الزائرين للمعرض إلى خمسين ألف زائر، أعرب عدد من الأهالي عن استيائهم من توقيت انعقاد هذه النسخة خلال الشتاء، في حين كان من الأنسب انعقادُها في أوانها المعتاد، أي في عطلة الربيع، والتي أُقرّت هذا العام من الاثنين 20 آذار/ مارس، إلى يوم الأحد 2 نيسان/ إبريل 2023، بالإضافة لشؤون تنظيمية أُخرى، كغلاء أسعار الكتب، واقتصار المعروضات على عناوين محدّدة تفتقر للتنوّع.
الجدير بالذكر أنّ "جمعية معرض صفاقس لكتاب الطفل" هي جمعية ثقافية فنية تونسية تأسست بمدينة صفاقس عام 1995، وتهتم بتنمية ثقافة الأطفال والأدب الموجه لهم، وتهدف إلى: "تنظيم الأنشطة المتعلقة بكتب الأطفال وتشجيعها ورعايتها، وتنظيم التظاهرات الثقافية، والربط مع المعارض والمراكز والجمعيات المماثلة".