في الأيام المشمسة والأيام الغائمة سيذهب السيكوباتي إلى العمل، فهو لا يعرف قيمة انتصار الشمس على الغيوم، عادة ما ينشر السايكو أنظاره في الوجوه، وهو بالطبع أبعد من أن يُمارس اليوغا أو أن يجلس القرفصاء على "صوفة" مدوّرة، لا يمكن للسيكوباتي أن يستقيم بعموده الفقري، أو أن يأخذ نفَساً عميقاً. ومن ملاحظتي عنه، أنه لا يحبُّ أكل البسطرمة بالبيض ولا بهار البابركا، يحبّ نوعاً واحداً من الطعام، وعادة ما يكون مشبعاً باللاكتوز، يمتلك السيكوباتي عضواً إضافياً يمكنه من خلاله تحليل اللاكتوز والقيام ببعض الأعمال السحرية التي لا يتّسع الوقتُ لذكرها.
لا يحبّ السيكوباتي الأصدقاء، يعتقد أن الأصدقاء تجارة خاسرة، ولا يمكنه أن يجرّب الحبّ، الحبُّ ليس للسيكوباتيين.
يمتلك قوّة خارقة في المراقبة، ربما ستهدر وقتك في اللعب مع القطط، أو أن تقرأ كتاباً بينما هو يهدر وقته في التلصّص عليك من وراء ثقبٍ بحجم خُرم الإبرة.
وعندما تشتمه، ينبعث إشعاع من تلك الشتائم نحوه فيخترق روحَه، ويجري مع مجرى الدم فيتلذّذ به.
في اليوم الذي ستقابل فيه السيكوباتي، لا تسألْه عن أحوال الطقس، أو عن رأيه بفوز نادي ليفربول في بطولة الدوري، لا تسأله عن أُغنيته المفضّلة، أو عن مذاق سمك السلمون، لا تحاول أن تستشيره استشارةً عاطفية، لا تطلب منه أن يعطيك فرصة، لا تنتظر منه مكافأة أو مَكرُمة، لا تحسبه موجوداً بين الناس.
يعتقد أن الأصدقاء تجارة خاسرة، ولا يمكنه أن يجرّب الحب
أكتب ما أكتبه الآن لأحذّركم أيها الناس، من أن تقعوا في فخّ من فخاخه. الرجل أشبه بصورة الربّ عندي عندما كنت طفلاً صغيراً، رجل كبير بشوارب كثّة يجلس فوق كرسيٍّ من الخشب، وينظر إلى ركام من التلفزيونات، مرتّبة واحداً فوق الآخر، ينظرُ ويراقب كلّ الناس دون أن يشعر بشيء نحوهم.
صحيحٌ أنني أحسد قدرته العالية على تفادي الإهانات التي أوجّهها له الآن، لكني حزين لأجله، لأنه ولو للحظة لا يمكنه التمتّع برقصة لـ جينفر لوبيز، ولا بالقشعريرة التي تسبّبها قراءة كتُب ديستويفسكي، أيضاً وهو ما يُدمي القلب حقاً، لا يمكنه التلذّذ بأغنية عبادي الجوهر "عيونك آخر آمالي".
حزني عليك يا رجل، حزنٌ ينضح بالمرارة والتعب، قلبي على عمرك الذي تهدره بلا معنى، قلبي على كلّ الناس الذين يخالطونك.
صديقي السيكوباتي إنني أمدّ يدي الآن، هل تراها؟
* كاتب من العراق