صادق كويش الفراجي.. الجنوب العراقي بالسواد

04 يناير 2021
(من عمل "ذلك النهر الذي كان في الجنوب"، من المعرض)
+ الخط -

يقارب صادق كويش الفراجي في تجربته الممتدّة أكثر من ثلاثة عقود الأحداث والوقائع التاريخية، ويستحضر تفاصيل ذاكرته الشخصية منذ الطفولة في مجموعة مشاريع ينفّذها بتقنيات متنوّعة تأتي كجزء من تجريبه المستمر الذي يعكس رؤى فنية متنوّعة.

حاز الفنان العراقي المقيم في هولندا (1960) درجتي البكالوريوس في الفنون الجميلة من "جامعة بغداد"، والدبلوم العالي في "التصميم الغرافيكي" من "أكاديمية كونستانتين هيوغنز" الهولندية، وكما تبرز العديد من الأمكنة البغدادية في أعماله، فإن ثيمات عديدة كاللجوء والوباء تظهر أيضاً.

حتى الحادي والثلاثين من الشهر الجاري، يتواصل معرضه الجديد في "متحف ستيديليجك" بأمسترادم، الذي افتتح في الخامس من أيلول/ سبتمبر الماضي، ويضمّ سلسة أعمالٍ نفّذها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة عبر وسائط متعدّدة.

(صفحة من الجزء الأول من كتاب "النهر"، من المعرض)
(صفحة من الجزء الأول من كتاب "النهر"، من المعرض)

تُعرض جدارية "غنِّ كما يغني الجنوبيون"، التي تتألف من ثلاثين لوحة تشكل بمجملها جدارية بحجم 3×7 م، مع تركيب مواويل بصوت المطرب العراقي سلمان المنكوب (1918 – 2011)، الذي قدّم مئات الأغاني من التراث العراقي ولحّن معظمها باستخدام آلات العود والكمان والسنطور.

اختار الفراجي اللون الأسود لتخطيط جداريته المحتشدة بتفاصيل كثيرة التي تصوّر معالم كثيرة ترتبط بعوالم الفنان الذي اختار صوته ليتجاوز مع رسوماته، ويحيل إلى الحزن والشجن المعروفين بغناء الجنوب العراقي، ومن تلك المعالم الأهوار التي يعيش أهلها على الزراعة والصيد، لكنهم يعانون التهميش بسبب انعدام التنمية في المنطقة وتعرّض تربتها للملوحة ومواسم الجفاف التي سبّبت موجات من الهجرات المتلاحقة منها.

يُعرض أيضاً فيلم أنيمشن بعنوان "ذلك النهر الذي كان في الجنوب" (خمس دقائق)، الذي نفّذه الفنان بالأبيض والأسود عام 2019 ويتناول خلاله علاقته بوالده، ويشكّل الفيلم جزءاً من عمل يحمل العنوان ذاته، حيث يتجاوز مع لوحات مرسومة بالأبيض الأسود تعبّر عن الإحساس الدائم في التشرّد بالمنافي والبعد عن الوطن بلغة تفيض بالحنين والتذكر، برسومات تمتزج فيها شخصيات مستمدة من الواقع بمناخات أسطورية مستوحاة من الميثولوجيا العراقية.

ويتضمّن المعرض كتاب "النهر" بأجزائه الثلاثة التي أُنجزت عام 2018، وصفحاته مشغولة بحبر على ورق، والتي يشير الفراجي إلى أن تكرار استخدامه للأسود قد يعود إلى والدته التي كانت تشتري مسحوقاً أسود لصبغ ملابس أبنائها، وكانت تلك أرخص وسيلة لمنح الطفال أزياءً سوداء من أجل مشاركتهم في احتفالات ذكرى عاشوراء.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون