سيأتي وقتٌ
سيأتي وقتٌ تتغيّر فيه الأشياء.
تذكّري هذا یا ماریا.
هل تذكرين يا ماريا في الاستراحة تلك اللعبة
حيث كنّا نركض ماسكين العصا مداوَرة
- دعيك منّي - لا تبكي. فأنت الأمل.
اسمعي، سيأتي وقتٌ
حيث سيختار الأولاد والديهم
لن يولدوا بالحظّ
لن تكون هناك أبواب مغلقة
وناس منطرحون في الخارج
والعمل
سنختاره
لن نكون أحصنةً ينظرون إلى أسنانها.
الناس - تخيّلي! - سيتكلّمون بالألوان
وبعضهم بالنوتات.
احفظي فقط
في قنّينة كبيرة مع الماء
كلماتٍ ومعانيَ كهذه
لا منصاعون - قمع، وحدة، قيمة، ربح، مذلّة
لدرس التاريخ.
إنّها يا ماريا - لا أريد أن أكذب -
أزمنةٌ صعبة.
وستأتي أخرى.
لا أعرف - لا تنتظري منّي الكثير -
بقدر ما عشت، بقدر ما تعلّمت، بهذا القدر أتكلّم
ومن كلّ ما قرأت أحتفظ جيّداً بشيء واحد:
"المهمّ أن يبقى الواحد إنساناً"
سنغيّر الحياة!
رغم كلّ ذلك يا ماريا.
■ ■ ■
25 مايو
ذات صباح سأفتح الباب
وسأخرج إلى الطرقات
كما أمس.
ولن أفكّر سوى
بشيء من الأب
بشيء من البحر - بما فارقني -
وبالمدينة، المدينة التي أفسدوها
وبأصدقائنا الذين تبدّدوا
ذات صباح سأفتح الباب
بمصراعيه على النار
وسأدخل كما أمس
صائحةً "فاشيّون!"
ناصبةً حواجز وراميةً أحجاراً
والراية الحمراء
تلمع عالياً في الشمس.
سأفتح الباب
ولكنّني - ليس أنّني أخاف -
أقصد أن أقول لك إنّني لم ألحق
وإنّ عليك أن تتعلّم
ألّا تنزل إلى الشارع
بلا سلاح، مثلي
- لأنّني أنا لم ألحق -
لأنّك عندها ستَفنى مثلي
"هكذا"، "عموماً"،
مقطّعة إلى أجزاء
من بحر، وسنوات طفولة
ورايات حمراء.
ذات صباح
سأفتح الباب
وسأختفي
مع حلم الثورة
في وحدة لا متناهية،
وحدة الدروب التي ستحترق،
في وحدة لامتناهية
وحدة الحواجز الورقيّة
مع نعت - لا تصدّقهم! - "استفزازيّة".
■ ■ ■
أحياناً
أحياناً ينفتح الباب على مهل
وتدخل. تلبس بدلة بيضاء
ناصعة وحذاءَي كتّان
تنحني وتضع بحنان في كفّي
72 فرنكاً وترحل. لقد بقيت
حيث تركتني لتعود وتجدني.
لكن يبدو أنّ وقتاً طويلاً
قد مرّ لأنّ أظافري
طالت وأصدقائي يخافونني.
كلّ يوم أطبخ البطاطا، لقد فقدت
مخيّلتي، وعندما أسمع "كاترينا"
أرتعب. أظنّ أنّه يجب أن أشي
بأحد.
لقد احتفظت ببعض قصاصات عن
شخص يزعمون أنّه أنت. أعرف أنّ الجرائد
تكذب، فقد كتبتْ أنّهم
أطلقوا النار على رِجْلَيك.
أعرف أنّهم لا يصوّبون قطّ على الرِجْلَين
العقل هو الهدف،
خذ حذرك، إي؟
■ ■ ■
طروادة 35 أ
بيتي مثل بيتكم
يتداخل وبيوت الناس الآخرين
بقدر ما أنّ الشوارع ضيّقة هكذا
بقدر ما أنّ الناس كثيرون هكذا
فإنّنا أحياناً نعيش متلاصقين
بحيث أظنّ أنّنا ننام في السرير نفسه
ونغسل أسناننا بالفرشاة نفسها
ونأكل الطعام نفسه.
إنّما أنتم فإنّكم عندما تغادرون
تتركون أطباقكم وسخة
لا تفسير آخر
لوسخ المجلى الدائم هذا.
لكن لا بأس.
وأنا أفعل ما في وسعي
لأريكم كم أحبّكم.
لذلك أُلصِق الشاربين
وأخرج حاملة المِهواة تحت المطر.
ليضحك أولادكم.
فقط أرجوكم لا تنمّوا بنا
ودعوا ابنتي ميرتو وشأنها
هكذا وُلَدت.
حزينة.
* شاعرة وممثّلة يونانيّة. وُلدت في أثينا عام 1940 وعاشت فيها إلى رحيلها عام 1993. صدرت لها تسعة دواوين شعرية، ثلاثة منها بعد رحيلها.