سهيل سالم.. ملوك البحار السبعة مع غزّة
- يتناول أعماله التي تعكس التوتر الداخلي والثورة ضد الواقع المفروض في غزة، مستخدمًا الألوان الحارة والخطوط الداكنة للتعبير عن الحالة الإنسانية والتحديات التي يواجهها الناس هناك.
- على الرغم من الظروف القاسية، يستمر سالم في نشر الأمل من خلال أعماله الفنية التي تصور الجمال والحياة، مثل حورية البحر التي ترمز للتضامن مع أهل غزة، ويظهر التزامه بتقديم رؤية إنسانية من خلال فنه.
في السادس والعشرين من شباط/ فبراير، نشر الفنان التشكيلي الغزّي سهيل سالم على صفحته في فيسبوك رسماً لقبّة الصخرة وبعضاً من معمار القدس محاطاً بالورد، وكتب إلى جوارها "يا بنفسجتي الطموحة الجميلة، عندما طلبت من الجنّية الطيبة أن تحوّلك إلى وردة ذات جدائل طويلة محملة بالأغاني والأشعار، إن هذه لشجاعة لم تتجرأ على الإقدام عليها أخواتك من البنفسج. لقد أصبحت متفرّدة، فأنت شاهدت الحقيقة من نافذة الأمل".
نافذة الأمل التي ينظر منها الفنان رغم استمرار العدوان الصهيوني على غزّة، دفعته إلى نشر رسم آخر في اليوم ذاته، يصوّر "مدينة دير البلح وأهلها الطيبين"، وفيها أب يحضن أبناءه الثلاثة بالقرب من شجر النخيل وخيام النزوح بانتظار عودتهم إلى بيتهم، وكلا الرسمين على دفتر مدرسي بخطوطه المسطّرة.
يرسم سالم وجوهاً وأزهاراً ومعالم بخطوط مباشرة وواضحة تمليها اللحظة، ذات طابع توثيقي، مع تعليقات وشروحات مقتضبة تعكس المناخات النفسية تحت القصف، ربما يلزم مقارنتها برسومات تعود إلى سنوات سابقة، تختلف في مشاهدها التي تحتوي أشخاصاً يجلسون قبالة البحر، مثلاً، أو بورتريهاته لشخصيات أو مناظر طبيعية من غزّة.
لكن الأمل لا يغيب عن معظم الأعمال على اختلاف الفترات الزمنية التي تنتمي إليها، ففي لوحة سابقة بظهر جنين في رحم يشكّل جزءاً لا يتجزاً من حقول الزرع التي لا يحدّها سوى أفق السماء، واللون هو العنصر الأساسي في اللوحة بما يمنحه من حيوية وغنى.
في معرض جماعي بعنوان "حكايا" شارك فيه عام 2021، يشير سالم في تقديمه إلى أنه يعمد من خلال تعبيره إلى التشويه والتحوير المقصود ليعكس التوتر الداخلي الشخصي بشكل خاص والإنساني بشكل عام، مضيفاً: "أُحاول التحرر من المشهد للانتقال لرؤية إنسانية بحتة، ولكن أجد نفسي أسيراً لمشهد آخر وفكرة أُخرى لا تنفصل عن الواقع الذي نعيشه، وكل هذه الألوان الحارة الخطوط الداكنة هي تعبير عن ثورة داخلية اتجاه ما هو مفروض على حياتنا في غزّة.. والتي تتجه للمجهول وعدم القدرة على استنتاج واقع أكثر تفاؤلاَ".
في تلك المداورة بين الوقع والمخيلة، ينشر سالم في السابع عشر من الشهر الماضي رسمين؛ الأول لحورية البحر تتنفس الهواء تحت أشعة الشمس، والثانية وهي ترفع السمك بيديها، مع عبارة "حورية البحر أخبرتني أن ملوك البحار السبعة متضامنون مع أهل غزّة". وفي الأيام التالية، سيهتمّ أكثر بتفاصيل الخيمة وأطفال بأوان فارغة ينتظرون أن تملأ بالطعام، وبورتريهات لملثمين وغيرها.
يواصل سالم تقديم أعماله التي يبرع في يصور الوجوه فيها من خلال خطوطه الجريئة والمعبرة، وآخرها ما نشره اليوم لوجهين يظهر نصف كل واحد منهما، وبرغم قسوة ملامحهما وما تبديه نظراتهما إلا أن زهوراً نبتت بينهما.
يُذكر أن سالم وُلد في غزّة عام 1974، وحصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من "جامعة الأقصى" في غزّة عام 1999، وهو من المؤسسين لمجموعة "التقاء للفنون المعاصرة" عام 2002. أقام أربعة معارض شخصية: "انتظار" و"جدار" و"رؤية بصرية" و"في فلسطين"، و"مكان في أماكن" في فرنسا.
