تهتمّ أستاذة التراث والثقافة العربية والباحثة التونسية سهام الدبّابي الميساوي بدراسة النصوص التاريخية المتعلّقة بالسكن والطعام واللباس والطقوس، ضمن منهجية تتقاطع فيها علوم الأنثربولوجيا والسيسيولوجيا وعلم النفس والتاريخ، في محاولة لاستيعاب الحياة اليومية بوصفها حياة مطقسنة تُتمثل وتُتخيل وتتحول إلى مجموعة من الرموز.
وتقارب في عدد من مؤلفاتها الأنساق اليومية والظواهر الطقسية والاحتفالية في الثقافة العربية والإسلامية في نصوص من التراث العربي، وطبيعة العلاقة القائمة بين اليومي والاحتفالي، وتمثلاتها في الطفولة والحياة المهنية والحرفية والمرض والحجة وغيرها من الظواهر.
يستضيف "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون/ بيت الحكمة"، في قرطاج بالقرب من تونس العاصمة سهام الدبابي الميساوي عند الثالثة من بعد ظهر الجمعة المقبل، للحديث عن كتابها "الولادة في تونس: الطقوس والرموز"، وتقدمه الباحثة فتحية السعيدي.
الكتاب الذي صدر عن "منشورات دار الجنوب" عام 2021، يتجاوز "كونه دراسة تراثية وطقسية لمجموعة من الممارسات الشعائرية والاحتفالية التي ترتبط بلحظة حاسمة من حيواتنا جميعاً، لحظة الولادة. هو يجعلنا ندخل إلى عمق هذه التجربة الفريدة والمذهلة، يجعلنا نفهم ونقدّر أهميّةَ عمليةِ احتضان مجتمع ما، وهنا المجتمع التونسي، لعملية ولوج الفرد إلى الحياة وإلى الجماعة وإلى العالم"، بحسب تقديم الناشر.
ويتناول الكتاب الطقوس لأنها ترتبط بنشأة الثقافة، موضحاً أن جميع السلوكات فيها والتفاعلات تخضع لقواعد مكررة تهدف إلى تثقيف الطبيعة وأنسنة الكائن النائي عن الحيوانية، ولأنها أفعال توحد السلوك، وتمكن من التواصل، وتسير التفاعل وتيسره، وتضغط على العنف، وتفرغ الصراع وتخفت من حدته، وتمنع الفوضى المهددة للنظام الاجتماعي، فتكون أداة تساهم في قيامه وتجديده وضمان استقراره.
وترصد المؤلّفة كيف يستقبل المجتمع حدث الولادة عبر منظومة معقّدة ومتشابكة من الرموز والطقوس التي تحيط بتلك اللحظة، وتدرس احتفاليّات متعلّقة مثل الزواج والختان والجنازة، وتتيح بمعرفة خصوصية هذه الحضارة العربية الإسلامية في الجغرافية التونسية، فالغذاء واللباس والاحتفاليات كلها عناصر بانية للهوية.
يُذكر أن سهام الدبّابي الميساوي أصدرت عدّة مولفات، من بينها: "إسلام الساسة"، و"الطعام والشراب في التراث العربي"، و"خطاب الطعام في الثقافة الإسلامية" (مؤلّف مشترك)، و"مائدة أفريقية: دراسة في ألوان الطعام"، وغيرها.