سرقنا حفنة بحرٍ وظلّت المياه زرقاء

سرقنا حفنة بحرٍ وظلّت المياه زرقاء

09 يونيو 2023
تيتوس باتريكيوس، 2017 (تصوير: باريس تافيديان)
+ الخط -

تنويعات على موضوعين

1

صِبيةٌ ذوو اندفاعة متسرّعة
منشدين الأناشيد الحربيّة
تركنا مقاعد الدراسة
لننزل إلى المظاهرة 
تخطّينا أسيجة الكروم
وفرح السلب يفوق الخوف من الناطور
الفعل سبقَ التفكُّر
لم يكن التفكُّر ليسع في الأغاني.
حبّات العناقيد الحامضةُ نضجت بغتة.


2

اقتبل الترابُ الأجسادَ
والجذر وسادةٌ
بينما كانت الشمس تسمّر الأكفّ المفتوحة.
القصب محفّز للعزف على المزمار 
ألحان ضاربة في القِدَم تخرج من الأصداف المالحة. 
عند عتبة الحقل كان الصيف يترقّب. 


3

سرقنا حفنةَ بحرٍ
ظلّت المياه زرقاء
هشّمنا بلّور السماء 
ظلّ الحطام أزرق
وحده دمنا أحمر
والقلب. 
دم صبغ الأرصفة
أعمى العيون
ملأ الفم حرافةً
شغف الرفض
هيجان الهدم -
مَن أفضل منّا سيبني؟ 


4

عند حافّة الذاكرة ينتهي البحر
ما بعد النافذة يبدأ العالم.
تَتلَف الكتب بين أيدينا
الكتب التي ننكبّ عليها لساعات وساعات
التي نناقشها في الغرفة المغلقة.
ندم الفعلة الطائشة
أكثر استبداداً من ندم الفعلة العاصية.
مدن أوروبا الحكيمةُ بعيدة
بسطوحها المائلة، مدافئها 
التي لا تعرف قلقَ
الاجتماع المحظور 
ألف طريق تقود إلى الحرية. 


5

مَن سيستجيب إلى صرختنا؟ 
مَن بقي لنتقاسم الدوار؟
الأبواب تُسَدّ واحداً تلو الآخر.
مع ذلك في طرقات الشمال 
في الوديان ذات البنادق التي لا تُخطئ
في الأحياء التي لا تركع
ينتظرنا الناس 
بوجوه ملؤها الأمل، بعيون ساهرة.
بأيادي العبودية المجروحة هذه 
سنلامس السماء.


6

هل يا تُرى ستحمل أكتافنا  
ثقل هذه التجربة؟ 
أوجه الحياة الصعبة كانت 
ما صادفناه منذ الصغر. 
وإذ قد جدِدْنا فجأة 
عرفنا الموت والكفاح 
وإذ كنّا نطارد الطيور الكبيرة 
فرّت كلّها من أيدينا.
والجواب السرّيّ لا يصل.
وهل يجب أن تسأل ليجيبوك؟ 
من غير أن أشعر أصبحتُ جيّداً.
 

■ ■ ■


الأصدقاء

ليست ذكرى الأصدقاء المقتولين
ما يمزّق الآن أحشائي.
إنّه رثاءُ آلاف المجهولين 
الذين تركوا لمناقير الطيور 
عيونهم المنطفئة
الذين يشدّون في أياديهم الباردة 
على حزمة رصاصات وأشواك.
رثاء المارّة العابرين المجهولين 
الذين لم نتبادل الكلام وإيّاهم قط
الذين تبادلنا وإيّاهم النظرات يوماً
عندما أعطونا شعلة سجائرهم
في المسيرة المسائيّة.
رثاء آلاف الأصدقاء المجهولين
الذين بذلوا حياتهم
من أجلي.

 

بطاقة

Τίτος Πατρίκιος شاعر يوناني من مواليد أثينا عام 1928. له أكثر من عشر مجموعات شعرية، إلى جانب ترجمات من الفرنسية لشعراء وكتّاب ومفكّرين مثل بول فاليري وسان جون بيروس وجورج لوكاش وهونوريه دو بالزاك. عاش منفياً لسنوات في باريس وروما بدءاً من نهاية الخمسينيات، إبّان الدكتاتورية العسكرية التي حكمت بلده، الذي سيعود إليه عام 1975. والقصائد المترجمة هنا منتقاة من أوّل عهده بالشعر، في أربعينيات القرن الماضي.

* ترجمة عن اليونانية: روني بو سابا

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون