هل نحن هم اللاجئون غير المرغوب فيهم؟ إنّ تشاؤم الغرب وزيفه في ذروتهما الآن، وقد تكشّف المخبوء، بسبب المعاملة غير المتكافئة التي يقدّمها للاجئين من شمال أفريقيا والشرق الأوسط والبحر الكاريبي، مقارنةً بمَن يأتون من بلد أوروبي مثل أوكرانيا.
كيف نكشف دراما عائلات اللاجئين الوافدين من بلدان العالم الثالث بالتعبير الغربي نفسه؟ أولئك الذين هم نحن ومنّا، والذين أمضَوا سنوات ينتظرون تصريح الإقامة في دولة أوروبية تزعم حقوق الإنسان.
هل هو سيل العبث الذي لا يتوقّف؟ هل ينفع إجراء مقارناتٍ، وشتم الأكاذيب والوقاحة، من جانب سلطات أوروبا والولايات المتحدة، وأغلبية وسائل الإعلام وقطاعات معينة من المجتمع الغربي؟ وهل يكفي أن تلتزم القلوب فينا بالقضايا الاجتماعية، دون أية حيلة أو وسيلة؟ عاجزون بامتياز حقير نحن، ولا حول ولا قوة.
وهل يكفي التحديق عن كثب في الوضع المُزري للاجئين، الذين يعيشون في مخيمات "فيداسيل" الأشبه بالزرائب، كي يعلن البلجيكي ولاءه للحقيقة الصفيقة؟
خيمة صغيرة تتّسع لأربعين فرداً ومجاريهم تجري من تحت فرشاتهم
هل يمثّل الأسى القائم على شهادات حقيقية، الألم واليأس لدى العديد من النساء اللواتي يروين محنتهنَّ، للوصول إلى هذا المعسكر، الذي تمّت تسميته بشكل خاطئ "مخيماً"، بحثًا عن حياة أفضل لهنّ ولأسرهنّ. لكنّ حلمهنّ يصطدم بالواقع القاسي، عندما يكتشفن أنهن غير مرحّبٍ بهنَّ في هذه الأراضي التي تسود ربوعَها العنصريةُ والتعَصّب.
هل تُجدي محاولاتُ نسيان أنّ ذنْبَ الغرب في التسبُّب بموجات لاجئين من دول مثل: العراق وأفغانستان وسورية وليبيا، واضحٌ؛ بسبب التدخُّلات العسكرية وزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي لهذه البلدان؟
لكن على الرغم من مسؤوليّته السياسية والأخلاقية، فإن الغرب يُغلق أبوابه في وجه الجميع، ويفشل أيضاً في الامتثال للقانون الدولي، الذي يتطلّب استقبال وحماية اللاجئين الذين يأتون من دولٍ في حالة حرب.
هل من واجب الشِّعر أن يتحوّل إلى المساحة المُعدّة لأداء ما يجب أداؤه صحافياً؟ هل العيش، هنا، صار عبارة عن خيمة صغيرة، يمكن أن تتّسع لحوالي أربعين فرداً ومجاريهم تجري من تحت فرشاتهم؟
هل الله الرحيم هو مجرد تعلّة؟
إيه؟
متى يعطينا الرب فرجاً من حالة الكرب هذه؟ هل، حين لا يُسعف الشعر، نكتب مسرحيات عن هذا، ثم بعدها نروح نحلم بالتالي: مسرح وجمهور قليل ـ كما هي العادة مع القضايا الخاسرة ـ وفوق خشبته ثمّة ممثّلات متميزات للغاية، يمثّلن دورهنّ في المسرحية بعُمق وإتقان. ثم تنتهي الحفلة، ويترك المشاهدُ العملَ بقلْبٍ مُثقَلٍ، وغضب شديد، تُجاه عالمٍ غير عادل وغير متكافئ.
ما اسم الجحيم، إن لم يكُ مخيّم لاجئين؟ المخرأة هو، كما يسميه اللاجئون، هذا المخيم المحاط بالأسلاك الشائكة.
إيش القصة؟
لمَ لمْ يتوقّع أيٌّ من الذين وصلوا إلى أوروبا "البيضاء" أن ينتهي بهم الأمر في سجن رمادي مثل هذا؟ لقد هربوا ـ يا حرام ـ من هول الحرب والقصف، على أمل العثور على مكان آمن ومريح، لكنهم عثروا على هاوية أعنف. علاوة على ذلك، يتم إحراق أعصابهم، بين حين وآخر، بتلقّي الرفوضات.
من أين يأتي الأمل في مخيّم اللاجئين؟ أمن كوّة في الغيب، أم من على جناح بعوضة، وما أدراك ما بعوضُ المخيّمات؟ هل المخيّم هو صليب العصر الحديث؟
* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا