تضيء المخرجة المسرحية اللبنانية زينة دكاش في فيلمها الوثائقي "السجناء الزرق" (2021) الذي جرى تصويره بين عامَي 2015 و2016، الإهمال الذي يعانيه المرضى النفسيون الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية أو الموقوفون على ذمة قضايا، حيث لا رعاية طبية ولا متابعة قضائية لأوضاعهم القانونية.
صُوِّر العمل داخل المبنى الأزرق في سجن رومية بلبنان، والذي يضم مساجين ذوي أمراض واضطرابات نفسية مختلفة عملت المخرجة على مساعدتهم، من خلال جلسات علاج بالدراما والمسرح، حيث نظّمت أنشطة وعروضاً فنية ومسرحية في محاولة للتخفيف من حدة معاناتهم.
يُعرض "السجناء الزرق" عند السادسة والنصف من مساء اليوم الخميس في "مؤسسة عبد الحميد شومان" بعمّان، ضمن سلسلة عروض انطلقت أول أمس الثلاثاء تحت عنوان "حياة السجون مسرح وسينما: ثلاثية أفلام زينة دكاش".
بدأت الفكرة عام 2007، حين بدأت دكاش العمل مع خمسة وأربعين سجيناً، بعضهم لا يعرف القراءة والكتابة، وأنجزت معهم المسرحية الشهيرة "12 لبناني غاضب"، والتي ستتحول إلى وثائقي عام 2009 بالاسم نفسه تناول تجربة العلاج بالدراما، ثم ظهر الجزء الثاني بوثائقي حمل عنوان "يوميات شهرزاد" (2013)، وعرض روايات السجينات عن الأسباب الكامنة خلف اعتقالهن، وهي بمجملها أسباب اجتماعية، تتراوح بين جريمة القتل (غالبا للزوج)، والسرقة، وتعاطي المخدرات والاتجار بها.
تؤدي كل سجينة روايتها بطريقتها الخاصة، بعد أن مرت بتجربة العلاج بالدراما لمدة سنة، وفيه كشفت ملابسات قصتها - الجريمة المفترضة - وناقشت أبعادها، وأظهرت مدى الظلامة التي يمكن للأنثى أن تتعرض لها في المجتمع الذكوري، حيث يتمادى الذكور في ممارسة سلطتهم الاجتماعية عليها، فتحصل جراء ذلك الكثير من المشاكل التي قد تودي بالأنثى إلى ممارسة خطأ لم تكن تريده، أو لم تكن على بينة من أبعاده.
بعد الفيلمين، اللذين عرضتهما "شومان" الثلاثاء والأربعاء على التوالي، أخرجت دكاش فيلمها "السجناء الزرق" قبل عامين، لتكتمل الثلاثية التي أنتجها "المركز اللبناني للعلاج بالدراما/ كثارسيس"، الذي يهدف إلى دمج تقنيات المسرح والعلاج النفسي من أجل التعبير والبحث عن آفاق وإمكانية التطبيق مع أناس مهمشين، يعبرون عن أنفسهم، حيث يمكن للجلسات العلاجية أن تؤدي إلى عمل مسرحي والعكس أيضاً.