زيارة موقع: الكتاب التونسي

27 يوليو 2021
تركيب لـ أسامة الطرودي، من معرض جماعي لتشكيليين تونسيين بعنوان "مع كتاب" 2018
+ الخط -

لا يمكن الحسم بين قائلين بأنّ تونس شهدت بعد الثورة ازدهاراً في مجال النشر، وقائلين في المقابل باختناق قطاع الكتاب في ظلّ غياب سياسات فاعلة، إذ لا أرقام ودراسات علمية ترجّح كفة هذا الطرف أو ذاك.

قد نعتقد أن موقع "الكتاب التونسي" livretunisien.tn يمكنه أن يقدّم لنا عناصر إجابة، لكننا سنكتشف موقعاً غير محدّث، وفي المقابل سنقف على الكثير من طموحاته. ولو أُنجز قسط صغير منها، لكان حال النشر في تونس غير الذي هو عليه اليوم. 

مثلاً، في زاوية "من نحن" نقرأ: "يقدّر حجم المنشورات التونسية في مجال الكتاب الثقافي بحوالى 1700 عنوان كلّ سنة دون اعتبار الكتاب المدرسي والمنشورات الرّسمية. ويحتاج التّعريف بهذه المنشورات إلى اللجوء إلى مختلف قنوات ووسائل الاتّصال، وبالأخصّ تلك التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة للاتصال".

يشير الموقع بشكل من الأشكال إلى ركود واقع قطاع النشر في تونس

لكنّ زائر الموقع لن يجد الكثير من الرقم التقديري للمنشورات السنوية، بل إنّه لن يجد إصدارات السنوات الأخيرة، فحين يفتح الصفحة الرئيسية للموقع سيجد أمامه تقديماً لكتب صدرت في 2011. أما القسم المسمّى "أخبار" الذي ينتظر منه المتصفّح أن يقدّم له كواليس صناعة النشر في تونس، فهو غير محدّث تماماً، حيث إن آخر خبر يظهر فيه يعود إلى عام 2013. 

لعلّ هذا الوضع الذي نجد عليه الموقع يشير بشكل من الأشكال إلى واقع قطاع النشر في ركوده الذي زادته الأزمة الصحّية تفاقماً. هل رقم 1700 إصدار ما زال معقولاً؟ إنّه يبدو اليوم كشهادة مضادة على واقع مرير يعيشه الكتاب في ظلّ الحسابات التجارية للناشرين، فقلة منهم تجاوز الإصدارين في العام الأخير، وقد مثّل تنظيم "معرض الكتاب التونسي" أخيراً مرآة على هذا الخواء حين قلّت الإصدارات الجديدة بشكل لافت.

لكن، لا يمكن لوم مطلقي الموقع، من موظفي وزارة الثقافة وحدهم، إذ نجد أنّه يقترح منصّة تفاعلية يفترض أن يحدّثها الناشرون بأنفسهم (باعتماد حساب خاص بكل دار نشر في الموقع) لنرى من خلالها إصداراتهم الجديدة وأخبارهم، لكن لا شيء من ذلك يحدث ليبدو الموقع مجرّد مسح لأسماء دور النشر التونسية لا غير، بل إنّ بعض دور النشر لم ترفع علاماتها التجارية في المكان المخصّص.

النقطة الإيجابية هي أنّ الدخول على صفحة كلّ ناشر تتيح أن نرى عدداً من إصداراته مع معلومات وافية عنها، وهو ما يتيح أن يكون الإنتاج التونسي مرئياً إلى حد كبير. ويقترح الموقع أيضاً مجموعة من الوثائق الأساسية لفهم النشر في تونس مثل القوانين المنظّمة للقطاع وشروط الدخول في منظومة الدعم التي توفّرها وزارة الثقافة.

بشكل عام، يبدو موقع "الكتاب التونسي" مهجوراً، أو بالأحرى مشروعاً طموحاً جرى التخلّي عنه. فإذا كان هدف الموقع أن يضيء ثراء مشهد صناعة الكتاب في تونس، فهو يبدو مثل مرآة معطّلة عن القيام بدورها. في مصلحة من هذا التعطيل؟

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون