استمع إلى الملخص
- يضم الكتاب أعمالاً لأدباء بارزين مثل ليونيد أندرييف ويفغيني زامياتِن، ويقدم نماذج أدبية تتميز بفرادة الأسلوب وكثافة اللغة.
- قام نوفل نيّوف بترجمة الكتاب، وهو مترجم سوري مقيم في كندا، يتمتع بخبرة واسعة في اللغة الروسية وآدابها، وله أعمال أخرى مثل "أناجيل الخراب".
ضمن سلسلة "أوكلاسيك"، التي يسعى من خلالها "محترف أوكسجين للنشر" في أونتاريو إلى تقديم الكلاسيكيات بنهج جديد، صدر كتابٌ جديد بعنوان "زهرة تحت القدم: قصصٌ روسية - النصف الأوّل من القرن العشرين"، بتوقيع المترجم السوري نوفل نيّوف.
يجمع الكتاب قصصاً من فترة إشكالية من التاريخ الروسي، وهي نتاجٌ أدبيّ وُلد من رحمِ عقودٍ من التمزّقات والتحوّلات الحادّة، حيث لا شيء بمنأى عن تأثيرات الثورة والحرب والهجرة والاعتقالات والنفي.
أوّل الكُتّاب الذن شملتهم هذه المختارات هو ليونيد أندرييف (1871 - 1919)؛ أحد أعلام "العصر الفضّي" (1890 - 1930)، وهو مؤسِّس تيّار التعبيرية في الأدب الروسي، لاقت أعماله الأدبية تقديراً من جانب كبار مُعاصريه: ليف تولستوي، وأنطون تشيخوف، ومكسيم غوركي وألكساندر بلوك... فضلاً عن قصصه القصيرة. كتب ليونيد أندرييف اثنتين وعشرين مسرحية، وعدداً من الروايات والقصص الطويلة، ونقرأ له في هذا الكتاب أربع قصصٍ هي: "الهوّة"، و"من قصة لا تنتهي أبداً"، و"زهرة تحت القدم"، و"هِرْمَن ومارتا".
كما يتضمّن الكتاب قصصاً من عوالم يفغيني زامياتِن (1884 - 1937)، الكاتب والناقد الأدبي والسيناريست ومهندس السفن الذي كان معاصروه الميّالون إلى الرمزية والحداثة: ليونيد أندرييف، وأندريه بيلي، وفيودور صولوغوب، أقربَ إليه من الكتّاب الواقعيين. روايتهُ "نحن" أسّست لتقليدٍ أدبيّ جديد، ولكنها ولم تُنشر في الاتحاد السوفييتي إلّا عام 1988، وهي المكتوبة والمنشورة بعدّة لغات سنوات العشرينيات من القرن الماضي، له في هذا الكتاب ثلاث قصص هي: "عينان"، و"عشر دقائق دراما"، و"السّاعة".
تبرز في القصص تأثيرات الثورة والحرب والهجرة والاعتقالات والنفي
مع نيكولاي غوميليوف (1886 - 1921)، نحن أمام أحد أبرز أعلام الشعر الروسي في "العصر الفضّي"، صدرت له في حياته تسع مجموعات شعرية. أُعدم في سنٍ مبكرة بتهمة التآمر على السلطة السوفيتية، وبعد مقتله صدرت أوّل مجموعة قصصية له، وفي عام 1992، بُرِّئ وأعيدَ له الاعتبار. وما يزال مكانُ دفنه مجهولاً. تستعيده المختارات بأربع قصصٍ هي: "صعوداً عبر النيل"، و"الأميرة زارا"، و"الفارِس الذهبي"، و"الجنرال الأسود".
وفي المختارات، أيضاً، خمسُ قصص لصاحب رواية "لوليتا" فلاديمِر نَبوكوف (1899 - 1977)، وهي: "عودة تشورب"، و"حكاية"، و"الجرس"، و"بيلغرام"، و"الأرض المجهولة". وهذه القصص لا تعدو كونها نماذجَ قد تكون، على قلّة عددها، بالغةَ الأهمية والتمثيل، ربّما لفرادة أسلوب نَبوكوف، وتقنياته الفنّية، وتشابك الحبكات وتوازيها أحياناً، وكثافة اللغة وشفافيتها.
وإلى صاحب أسلوبٍ أدبيّ فريدٍ آخر وهو الكاتب والشاعر، وكاتب المسرحيات والسيناريست، الصحافي والمراسل الحربي، والمهندس المختَرِع أندريه بلاطونوف (1899 - 1951)، الذي كانت حياته الأدبية شديدة التعقيد والصعوبة، كثيرٌ من أعماله الإبداعية لم يرَ النور في وطنه طيلة حياته. تكمن مأساته في تفرّد لغته واختلاف نظرته إلى العالم عن معظم الأدباء السوفيِيت في عصره. ويتجلّى ذلك في القصّتين المختارتين هنا: "معلّمة الرمال"، و"العودة".
وتُختتم المختارات مع الكاتب والشاعر فارلام شالاموف (1907 - 1982)، الذي اشتهر بكتابة سلسلة "قصص كوليما" عن حياة المعتقلين في معسكرات العمل التأديبية السوفيِيتية. لم تُنشَر له في حياته إلّا بعض المجموعات الشعرية، وإلى غاية أواخر العصر السوفييتي في الثمانينيات، أي بعد رحيله، بدأ صدور تلك السلسلة في بلاده، ومن قصصه المترجمة هنا نقرأ: "بِالدَّين"، و"شيرّي براندي"، و"ثمارٌ برّية"، و"ربطة عنق".
نوفل نيّوف هو كاتب ومترجم وأكاديمي من سورية مقيم في كندا. حاصل على ماجيستر في اللغة الروسية وآدابها ودكتوراه في نظرية الأدب من "جامعة موسكو". درّس اللغة الروسية في جامعتي وهران الجزائرية وطرابلس الغرب، ودرّس اللغة العربية في "جامعة الصداقة" في موسكو. من أعماله: رواية بعنوان "أناجيل الخراب"، ودراسات منها "روسيا من الداخل"، و"آفاق الرواية: حدود القصة". من ترجماته: "الضيف الحجري" لـ ألكساندر بوشكين، و"كتاب الجنون" لـ ليونيد أندرييف، و"كلُّ شيء عن الحب" لـ نَديِجدا طيفّي، و"بعض حياة وشعر" لـ مارينا تسفيتايفا، و"قلب كلب" لـ ميخائيل بولغاكوف.