أصبحت ملكة تدمر، زنوبيا، أيقونة عالمية بفضل موقفها الشجاع من احتلال روما لبلادها، واختيارها المواجهة على الاستسلام. شكلّت السنوات القليلة التي حكمت فيها الجزء المشرقي والعربي من الإمبراطورية الرومانية مرحلةً نادرة من مراحل ازدهار الفكر والفلسفة والتسامح في الجزء الشرقي من الإمبراطورية الرومانية، في وقت كان التطاحن على السلطة بين جنرالات الجيش ينشر الفوضى في الجناح الغربي من الإمبراطورية.
ظهرت زنوبيا في كتب مؤرّخي الرومان بصورة متناقضة، ففي وقت تحدّثوا عن مواهبها القيادية، وشخصيتها الطاغية، وبسالتها في القتال، عادوا عند الحديث عن محاكمتها في حمص، ليقولوا إنّها كانت مجرّد امرأة ساذجة، غرّر بها معلّمها، لتقف هذا الموقف العدائي من روما. وهو أمر يمكن فهمه في سياق الموقف الروماني التقليدي من المرأة.
منذ بدايات عصر النهضة الأوروبية، استلهم الفنّانون والكتّاب والشعراء قصّة الملكة زنوبيا وتحدّيها لروما؛ في لوحات ومنحوتات ومسرحيات موسيقية. كما وصل الأمر إلى الأدب العربي الذي بدأ، اعتباراً من القرن التاسع عشر، باستلهام قصتها في العديد من الأعمال المسرحية والموسيقية والتشكيلية، وأخيراً التلفزيونية. ومن المؤكّد أنّ الأمر لن يتوقّف عند هذا، فما تزال قصّتها تغري الفنّانين والمؤرّخين والأدباء لخوض المزيد من المغامرات الفكرية والإبداعية، ويندر أن يمرّ عام من دون أن يصدر كتاب، أو بحث، أو عمل فنّي، يتناول تلك الملكة العربية السورية التي بزغ نجمها من قلب بادية الشام.
عصر ذهبي
رغم أنّ الآثار دلّت على استيطان تدمر ومحيطها منذ عصور ما قبل التاريخ، إلّا أنّ نهضتها التي عرفناها؛ مرتبطة بالقرون الثلاثة الأولى للميلاد، حين عقدت القبائل العربية الأربع التي كانت تسكن تدمر اتفاقية تجارية مع مملكة ميسان في شمال الخليج العربي برعاية القيصر الروماني جرمانيكوس، تولّت بموجبها تدمر مهمّة نقل البضائع من موانئ الهند الرئيسية، بما فيها التوابل والحرير الصيني، إلى أوروبا.
نتيجة لذلك، حقّق التدمريون قفزة عمرانية أشبه بالمعجزة في قلب الصحراء العربية، وبلغوا حدّاً من الثراء تشهد عليه عظمة مدينتهم، وما تركوه من آثار خلفهم. لكن مع صعود الأُسرة الساسانية إلى الحكم وانقلابها على البارثيين عام 225م، تغيّرت التحالفات، وبدأ الملك الفارسي أردشير وابنه شابور الأول بالعمل على تقويض المدن التجارية العربية على ساحل الخليج، وفي حوض الفرات، حتى وصل الأمر بهم إلى تهديد تدمر نفسها.
في هذه الأجواء المشحونة، وُلدت زنوبيا عام 240م، في أسرة من طبقة النبلاء، بدليل استخدامها اللقب سبتيميا في اسمها اليوناني (Septimia Zenobia)، أمّا اسمها التدمري كما كُتب على أحد النقوش فهو "بت زباي"، أي بنت الزباء، وهو الاسم نفسه الذي وَرد في "أمثال العرب"، ولكن بعض المؤرّخين الآخرين حذفوا بنت، وأبقوا على اسم الزباء، فعُرفت به في الموروث الإخباري العربي، حيث طغت على القصص المرتبطة بهذه الملكة الكثير من الأوهام والأساطير.
زوجة الملك
لا شكّ في أنّ حياة الملكة زنوبيا - قبل زواجها من الملك أذينة - يعتريها الكثير من الغموض، فنحن لا نعرف من هو والدها، وأكثر الاحتمالات قبولاً من الباحثين تتعلّق بأحد قادة تدمر، ويُدعى زنوبيوس زبد الله، ترك نقشاً مزدوج اللغة يعود إلى عام 231/ 232م. في أحد النقوش الإشكالية التي يدور حولها خلاف بين الباحثين، ورد اسم سبتيميا زنوبيا ابنة أنطيوخس، وهوية أنطيوخس هذا غير معروفة، ومن المستبعد أن يكون من سلالة الملوك المقدونيين كما ذهب البعض، لأنّه اسم بلا ألقاب ملكية، ويبدو أنّ زنوبيا قد تلقّت تعليماً رفيعاً، فقد حفظت لنا الكتبُ أنّ معلّمها كان الفيلسوف والأديب الشهير كاسيوس لونجينوس الحمصي (213 - 273م)، مدير أكاديمية أثينا، وهو من تلاميذ الفيلسوفَين أمونيوس ساكاس، وأوريجانوس الوثني. من أشهر تلاميذه الفيلسوف بوفيريوس الصوري. درّس لونجينوس في أثينا لمدّة ثلاثين عاماً، قبل أن تستدعيه زنوبيا، ليكون كبير مستشاريها.
قد تعود علاقة زنوبيا بمعلّمها إلى فترة دراسة في أثينا لا نعلم عنها شيئاً، فالعائلات النبيلة في المشرق كانت ترسل أبناءها إلى الأكاديميات الفلسفية المعروفة في ذلك الوقت.
كانت زنوبيا تتقن، إضافة إلى لغتها الأمّ التدمرية، اللغتين المصرية واليونانية، وكانت تتحدّث اللاتينية أيضاً. تزوجت الملك أذينة عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها (حوالي 255م)، جرياً على عادة العائلات النبيلة في تدمر، ولا يستبعد الدارسون وجود صلة قربى بينها وبين زوجها. وكان نجم أذينة قد بدأ بالصعود عام 260م، بعد هزيمة الإمبراطور الروماني فاليريان، في حربه مع العاهل الفارسي شابور الأوّل الذي افتتح عهده بغزو المناطق الشرقية للإمبراطورية الرومانية.
انتصر أذينة على شابور بعد أن وحّد القبائل العربية، فاعترف به الإمبراطور جالينوس ابن الامبراطور فاليريان ملكاً على تدمر. شنّ أذينة حملات ناجحة ضدّ بلاد فارس، وتُوّج ملكاً لملوك الشرق عام 263م. وعين معه ابنه الأكبر خيران المعرف باسم هيروديانوس، شريكاً له في الحكم والألقاب الملكية العديدة التي تلقّاها، ومنها "مصلح الشرق"، أي حاكم الشرق بأكمله، وقد بلغت مملكة أذينة أوجها حين امتدّت من البحر الأسود شمالاً، إلى فلسطين جنوباً، وكانت زنوبيا تشاركه جميع حروبه وانتصاراته.
ملكة وصية
في عام 267م، عندما كانت زنوبيا في أواخر العشرينيات من عمرها، أو أوائل الثلاثينيات، اغتيل أذينة هو وابنه خيران في أثناء عودتهما من إحدى الحملات. يبدو أنّها كانت مع زوجها في الحملة التي كانت تستهدف هيرقلية بونتيكا في بيثينية على البحر الأسود، في تركيا الحالية وفقاً للمؤرّخ جورج سينسيلوس. وبحسب هذا المؤرّخ، فإنّ انتقال السلطة كان سلساً، حيث أفاد أنّ الوقت من الاغتيال حتى تسليم الجيش التاج لزنوبيا كان يوماً واحداً. ولا تذكر كتب التاريخ أنّ زنوبيا قد قاتلت من أجل انتقال الحكم إلى ابنها وهب اللات البالغ من العمر عشر سنوات، ولا يوجد دليل على تأخير انتقال السلطة، على الرغم من أنّها حكمت تدمر وصيةً على ابنها الصغير.
حكمت زنوبيا المناطق التي أخضعها زوجُها الملك الراحل لسلطته المباشرة، وهي سلطة مزدوجة لم يحاول أذينة تجاوزها رغم حصوله على اعتراف بمنصبه الإمبراطوري على الشرق من الإمبراطور جالينوس، فلم يسكّ عملات خاصة به، ولم يتخلّ عن الرموز السيادية الرومانية، وهو ما يشير إلى أنّ طموحاته كانت أكبر من أن يكون حاكماً لشرقي الإمبراطورية، فهو كما يبدو كان يريد عرش روما ذاتها.
سعي للانفصال
بدأت زنوبيا سعياً خفيّاً للانفصال عن روما اعتباراً من عام 269م. ومن غير المعروف ما هو الدافع المباشر لمثل هذه الخطوة، ولكن الدارسين المعاصرين يرجعونها إلى ضعف السلطة المركزية الرومانية، نتيجة الاغتيالات المستمرّة للأباطرة، وما ينتج عن ذلك من فوضى، فلم يكن أمام زنوبيا من خيارات للحفاظ على استقرار بلادها سوى السيطرة المباشرة على الشرق، والتخلّي عن العبء الروماني.
اللافت أنّ اثنين من كتب التاريخ الروماني حمَّلا الفيلسوف كاسيوس لونجينوس، كما سيمرّ معنا، المسؤولية عن هذا السعي، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدلّ على وجود أهداف غير تقليدية، تتعلّق بتوجّهات لها علاقة بالفلسفة الأفلاطونية، ونظريتها المتعلّقة بالجمهورية الفاضلة التي يحكمها الفلاسفة.
غزو الولاية العربيّة وضم مصر
أرسلت زنوبيا، في ربيع عام 270م، القائد سيبتيموس زبداي إلى بصرى، فاشتبك مع الحاكم الروماني تراسوس قائد الفيلق القوريني الثالث المتمركز فيها، فهزمه، وقتله، واستباح المدينة، ودمّر معبد بعل حمون، الصرح المقدّس للفيلق. بعد ذلك سار القائد التدمري جنوباً على طول وادي الأردن من دون معارضة تُذكر، وجرى إخضاع الولاية العربية وفلسطين.
وبعدها واصل القائد زبداي طريقه إلى مصر التي بدأت تصل منها دعوات للانضمام إلى تدمر. وبحسب المؤرّخ زوسيموس فإنّ "زنوبيا بعد أن بدأت بالتفكير في توسيع سيطرتها، أرسلت زبداي إلى مصر، بعد أن طلب قائد مصري يُدعى تيماجينيس انضمام بلاده إلى حكومة تدمر. كان عديد جيش زبداي 70 ألفاً من التدمريين والسوريين والبدو، واجهوا خمسين ألف مصري. اندلعت معركة عنيفة بين الجيشين، انتصر فيها التدمريون بجدارة، وبعد ذلك ترك زبداي حامية من خمسة آلاف رجل وعاد".
وقبل الانتهاء من مصر، بدأت عمليات إخضاع آسيا الصغرى تحت قيادة سيبتيموس زباي، القائد العسكري الثاني في تدمر، إلّا أنّ غزو آسيا الصغرى لم يبدأ بالكامل حتى وصول زبداي في ربيع عام 271م، حيث ضمّ الجيش التدمري؛ غلاطية، وأنقرة، وبقيت بيثينية خارج سيطرة زنوبيا، وفشلت محاولاتها لإخضاع خلقيدونية.
الإمبراطورة
لم يقع انفصال تدمر عن روما رسميّاً إلّا في نيسان/ أبريل من عام 272م؛ وذلك حين أزالت دار سكّ العملات في الإسكندرية وأنطاكيا صورة أورليان من العملات المعدنية، وأصدرت تيترادراخما جديدة باسم وهب اللات وزنوبيا، مع لقبهما الإمبراطوري أوغسطس وأوغستا. ولا شكّ في أنّ سبب إعلان زنوبيا نفسها إمبراطورة؛ هو وصول أخبار الاستعدادات العسكرية التي بدأ يحشدها أورليان في النصف الثاني من عام 271م، استعداداً لهجومه على الشرق.
مع مطلع نيسان/ أبريل 272م تكاملت الحشود في بيزنطة، وعبرت قواته البوسفور، فسقطت غلاطية بسهولة، وانسحبت الحاميات التدمرية التي يبدو أنّها كانت توجد في بيئات معادية، ولم يمض وقت حتى انسحبت باقي الوحدات التدمرية من آسيا الصغرى، كما وصلت بشكل متزامن في أيار/ مايو 272م وحدات عسكرية إلى مصر؛ وبحلول مطلع حزيران/ يونيو استولى الرومان على الإسكندرية، تلتها بقية الأراضي المصرية. كان من الواضح أنّ زنوبيا لم تشأ القتال خارج سورية، والتي إذا خسرتها فستكون نهاية تدمر.
في أيار/ مايو 272م، توجّه أوريليان نحو أنطاكية. على بعد حوالي 25 ميلاً شمالي المدينة، هزم الجيش التدمري بقيادة زبداي في معركة إيما، وكان من نتيجة ذلك تراجُع الجيش التدمري إلى حمص، لتكون معركة حاسمة بعد تكامل الاستعدادات، ووصول الإمدادات الموعودة. في هذه الأثناء، وللتغطية على الكارثة التي حلّت بالقوات التدمرية، نُشرت شائعات تفيد بأنّ جيش روما هُزم، وأنّ أورليان قُبض عليه؛ ووجد زبداي رجلًا يشبه الإمبراطور الروماني، وسار به في أنطاكية. لكن في اليوم التالي دخلت قوات أورليان المدينة قبل أن تتابع سيرها جنوباً باتجاه حمص.
كان عديد جيش تدمر الذي تجمّع في سهل حمص لا يتجاوز سبعين ألفاً، في حين كانت القوّات الرومانية تتفوّق عليهم عدديّاً ونوعيّاً، وعلى الرغم من أنّ بدايات المعركة كانت لصالح التدمريين، فإنّ الغلبة كانت في النهاية للجيش الروماني الذي تعقّب التدمريين المنسحبين إلى مدينتهم الصحراوية، معتقدين أنّها حصنهم الأخير، ويبدو أنّ زنوبيا في أثناء انسحابها من حمص تركت خزنة المال الكبيرة خلفها، فاستولى عليها أورليان، وتابع سيره نحو تدمر، وفي تدمر استعدّت الملكة للحصار؛ وأغلق أورليان طرق الإمداد.
يرد في تاريخ أوغستا أنّ أورليان، بعد أن حاصر تدمر، قام برشوة العرب البدو، وضمّهم إلى جانبه، بعضهم بالقوة، وبعضهم بالمكر. ويبدو أنّ مجلس الحرب التدمري قرّر بعد إحكام الحصار تهريب زنوبيا باتجاه الشرق، فركبت ناقة سريعة، وتوجّهت نحو نهر الفرات، ولكن الجنود الرومان قبضوا عليها، وهي تعبر النهر في قارب، فأخذوها إلى أورليان. عند سماع الخبر انقسم التدمريون بين مجموعة تريد المقاومة حتى النهاية، ومجموعة أخرى فضّلت الاستسلام، وطلب العفو.
المحاكمة
استحوذ أورليان على كنوز تدمر، وعاد إلى حمص، وعقد محكمة دافعت فيها زنوبيا عن نفسها، وأُدين الفيلسوف لونجينوس، وحُكم عليه بالإعدام، وكان يواسي رفاقه من الفلاسفة والأدباء بكلّ شجاعة، علماً أنّ زوسيموس وتاريخ أوغستا اتّهما زنوبيا بأنّها حمَّلت لونجينوس المسؤولية عن كلّ ما جرى.
بعد ذلك، سار أورليان نحو أوروبا، مصطحباً معه زنوبيا وابنها وبقية شركائها في ثورتها، واستعرضهم في موكب النصر في روما. لكن، في غضون ذلك، بلغته أنباء عن قيام التدمريين بثورة وتتويج ملك عليهم يُدعى سبتيموس أنطيوخس، كان على الأرجح من أقرباء أذينة، فعاد إلى تدمر وهدمها، ومنع التدمريّين من البقاء في مدينتهم، كما أحبط تمرّدًا آخر وقع في الإسكندرية، قبل أن يعود إلى روما ليبني معبداً لإله الشمس من الزخارف والغنائم المقدّسة التي اصطحبها معه من تدمر.
ثمّة تضارب كبير في روايات المؤرّخين حول مصير زنوبيا، فزوسيموس قال إنّها ماتت قبل عبور البوسفور في طريقها إلى روما؛ في حين ذكر ملالاس أنّ أورليان أذلّ زنوبيا من خلال استعراضها عبر مدن الشرق على ظهر الجمل، كما أنّه قيدها في أنطاكية بالسلاسل، ووضعها على منصّة في ميدان سباق الخيل لمدّة ثلاثة أيام، لكي يراها السكّان المحليون، واختتم ملالاس روايته بأنّ زنوبيا ظهرت في موكب انتصار أوريليان في روما، وهو خبر يتّفق عليه معظم المؤرّخين القدماء والباحثين المعاصرين.
سجّل تاريخ أوغستا أنّ أورليان أعطى زنوبيا فيلّا في تيبور بالقرب من فيلا هادريان في تيفولي الحالية، حيث عاشت مع أطفالها. وكتب زوناراس أنّ زنوبيا تزوّجت من أحد النبلاء، وكتب سينسيلوس أنّها تزوّجت من سيناتور روماني، وقد دلّت بعض النقوش والدلائل الأُخرى على وجود سلالة لزنوبيا وأذينة في إيطاليا بعد قرون.
راعية للفلاسفة والأدباء
من مآثر زنوبيا التي سارت فيها على خطا جوليا دومنا، استضافتها في بلاطها للعديد من الفلاسفة والأدباء والمؤرّخين، أمثال مدير أكاديمية أثينا لونجينوس، والفيلسوف قالينيقوس من بترا، والفيلسوف أميليوس رئيس أكاديمية أفاميا الفلسفية، كما زار الفيلسوف أفلوطين تدمر، وأقام فترة في بلاطها، قبل أن يعود إلى إيطاليا. ولا شكّ في أنّ المؤرّخ نيكوستراتوس من طرابزون كان من أعضاء حلقتها الفكرية، وهو صاحب تاريخ الإمبراطورية الرومانية المفقود من فيليب العربي إلى أذينة.
وقد احتفظ تاريخ أوغستا لنا ببعض صفاتها: حيث جاء فيه: "عاشت فخامةَ المُلك على طريقة ملوك الفرس، ولكنّها كانت تحضر إلى التجمّعات العامّة، مرتدية خوذة وحزاماً، متلفّعة بالأرجوان على طريقة الأباطرة الرومان. كانت خوذتها مزيّنة بأحجار كريمة تتدلّى من الحافة السفلية، بينما ثبتت جوهرة تسمّى كوخليس منتصف الخوذة. كثيراً ما كانت تظهر عارية الذراعين. كانت سمراء، وعيناها سوداوان وقويتان أكثر من المعتاد، وروحها عظيمة بشكل إلهي، وجمالها لا يصدّق. كانت أسنانها بيضاء لدرجة أنّ الكثيرين اعتقدوا أنّ لديها لآلئ بدلًا من الأسنان. أمّا صوتها فكان واضحاً قويّاً، وكانت صارمة عندما تقتضي الضرورة، ورحيمة عندما يكون لتلك الرحمة دواعٍ، مثل أيّ إمبراطور صالح. كانت كريمة بحكمة، ونادراً ما كانت تستخدم عربة، ولكنّها في أغلب الأحيان كانت تركب حصاناً، ويُقال إنّها تمشي في كثير من الأحيان مع جنودها لمسافة ثلاثة أو أربعة أميال. كانت تصطاد بشغف كبير.. في مآدبها كانت تستخدم أواني من ذهب ومجوهرات، حتى إنّها استخدمت الأواني التي كانت لكليوباترا".
* كاتب وباحث سوري فلسطيني