يُصوّر فيلم "زئير الظلام" (2023)، لمُخرجه أحمد رياض، الحياة اليومية في قرية جزائرية خلال الاستعمار الفرنسي للبلاد، وأثناء حرب التحرير (1954 - 1962)، مُضيئاً على فظائع النظام الاستعماري في حقّ الجزائريّين الذين جرى استغلالهم في مزارع المستوطنين الفرنسيّين، ودفعوا ثمن مشاركتهم في الثورة.
منذ مشاهده الأُولى، يُخبرنا الفيلم الذي قُدّم عرضُه الأوّل قبل أيّام في "قاعة ابن زيدون" بالجزائر العاصمة، أنّنا أمام عملٍ تقليدي عن الكفاح زمنَ الاستعمار؛ موضوعةٌ تناولها عددٌ كبير من الأفلام الجزائرية منذ الستّينيات، وقليلٌ منها فقط رسخ في ذاكرة السينما وشكّل علامات فارقة فيها.
لا نجد ضمن تلك الأعمال القليلة المتميّزة سوى بضعة أفلام من تلك المنجزة في العقود الأخيرة، أمّا معظمها، فهو إمّا يتّسم بالضعف الفنّي، أو يجنح بشكل مبالَغ فيه إلى الاحتفائية، أو يجمع بين العيبَين معاً. عادةً ما تكتفي تلك الأفلام، المموَّلة من الدولة، بالرواية الرسمية، وتتحاشى إثارة القضايا الإشكالية في الثورة وما بعدها.
يتجنّب فيلم "كريم بلقاسم" (2015) لأحد راشدي، مثلاً، الخوض في قضية اغتيال عبّان رمضان في المغرب عام 1957، مُفضّلاً المرور عليها بشكل عابر، ثمّ تنتهي أحداث الفيلم مع استقلال الجزائر عام 1962، بينما عاش كريم بلقاسم حتى عام 1970، واغتيل في فرانكفورت على أيدي "رفقاء السلاح". أمّا فيلم "العربي بن مهيدي" لبشير درّايس، والذي انطلق تصويره في 2015، فيضرب عرض الحائط بالرواية الرسمية، على الرغم من حصوله على نسبة كبيرة من ميزانيته من الدولة، ولهذا السبب، لا يزال ممنوعاً من العرض إلى اليوم.
يندرج فيلم "زئير الظلام" (40 دقيقة) ضمن برنامج ستّينية الاستقلال، والذي يتضمّن إنتاج أفلام روائية ووثائقية عن الثورة الجزائرية بتمويل من وزارتَي الثقافة والمجاهدين. هذه النقطة لوحدها كافية لإعطائنا فكرةً عن طبيعة الشريط وسياقه؛ فالأعمال المنتَجة خلال "المواسم الوطنية" هي في الأساس مشاريع تُقدَّم للمؤسَّسات الرسمية، وتمرّ على لجانٍ لا تختار سوى ما يوافق المزاج الرسمي.
هكذا، يطرح الشريط موضوع الثورة على نحو تبسيطي واختزالي، من خلال قصّة تقوم على ثنائية الخائن والوطني؛ فالبطلان شقيقان تختلف توجُّهاتهما تمام الاختلاف: خوجة (تمثيل حمزة محمّد فوضيل) الذي يسعى إلى إرضاء المستعمر، وموسى (تمثيل محمّد فريمهدي) الشاعر الشعبي الذي فقد بصره خلال الحرب العالمية الثانية ويوظّف فنّه في تعبئة المواطنين من أجل الثورة.
صُوّر الشريط في قوىً ببرج بوعريريج وقسنطينة وخنشلة، وشارك في بطولته كلّ من محمّد فريمهدي، حمزة محمد فوضيل الذي كتب النصّ، وأحمد رزّاق، ونوارة برّاح وآخرون.