تظهر آثار الرحلات الطويلة حول العالم في أعمال الفنان السلفادوري الشاب رودولفو أوفييدو فيغا، فهو يسافر على درّاجة نارية من المكسيك إلى الأرجنتين، ويطير إلى كيرالا في الهند ويعيش فيها، ومنها ينتقل إلى جبال الهيمالايا، ثم يعود إلى باريس التي استقرّ فيها منذ 2004، بعد اكتسابه تقنيات فنّية جديدة في الهند، لتُواصل أعماله طريقها إلى المتاحف والمقتنين.
ساقته مناسبة كأس العالم 2022 إلى كتارا، الحي الثقافي في العاصمة القطرية الدوحة، وإلى المبنى رقم 47 تحديداً، حيث افتُتح مساء الأحد الماضي معرضه "شمسي"، الذي يستمر حتى اختتام مونديال كرة القدم، يوم الأحد المقبل، الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
يشير بيان المعرض إلى ما يميّز مسارات هذا الفنان، من خلال جمع المواد مثل الرمال تحت قدميه، وامتصاص النسيج تحت كفّه، وهو "لطالما كان القارئ المثابر في الفلسفة والعلم والأساطير مستجيباً لطبيعته الفضولية في هذه الرحلة. ومع ذلك، فإن الأهمّ هو مواجهته لنظرية الروحانية السائدة في المجتمعات والثقافات المختلفة".
كأنّه يرسم في لوحاته مخطّطاتٍ لمدن وأماكن طبيعية شاسعة
ويضيف البيان: "جرى تجميع المواد بعناية، مثل الأسلاك والرمل والأوراق من بين أشياء أخرى، مع ذكرياته، وأنتجت تركيباً تمّ التدرّب عليه جيداً. حيث تُظهر اللوحات المصنوعة من الأكريليك وألوان النيون ــ بشكل مبهج ــ تَجاورَ الأنماط بقوام هندسي يقنّن لغته".
وإذ نطالع في المعرض هذا التقنين الهندسي، فلأن الفنان يجمع التفاصيل القليلة، كأنه يرسم مخطّطاً لمدن وأماكن طبيعية شاسعة، وطقوساً بشرية عايشها، فتصبح سهلة ممتنعة وعلى وشك التجريد.
تتنوّع اللوحات بين الكبيرة والصغيرة، في تفاوت مساحيّ واسع، إلّا أن المحور يبقى على ما هو عليه من تركيب يكشف عن طبقات من الزخارف، مثل العمارة والأشعّة والشمس والقمر وغير ذلك. كما أن الألوان تبدو على طبيعتها وهي تتحلّل من الشمس مباشرة إلى الطبيعة.
هذا التوجّه البصري الذي يلجأ إليه فيغا هو ما يجعل معرضه وسيطاً مراوغاً، وفق ما يقوله هو نفسه: "إن كلّ عمل يراوغ كي يتفاعل معه المشاهد لفترة زمنية بما يكفي لجذبه ودفعه إلى مراقبة التفاصيل، وكذلك إدراك اللوحة في مجملها".
يشغل فيغا منصب "مدير المركز الثقافي الدولي" في بنما، كما يرأس حالياً "جمعية الثقافة والفنون الجميلة" في باريس، وهي مساحة إقامة ومعرض للفنّانين يعمل على احتضان وترويج الفنون، ومنذ العام 2010 استفاد من الجمعية أكثر من 800 فنان من جميع أنحاء العالم. كما ساهم فيغا، في عام 2015، في إنشاء جمعية ACA لتعزيز ثقافة أميركا الوسطى.
وتشكّل أعمال الفنان جزءاً من مجموعات عمومية وشخصية، وقد عُرضت في أكثر من عشرين بلداً حول العالم. ومن بين المجموعات العامّة التي تقتني أعماله "متحف بومبيدو" في مدينة ميتز الفرنسية، و"بيت الفنّانين" في طهران، و"قصر غوميز" في هافانا بكندا.