روبر غرو.. أفكار عن الفينومينولوجيا

12 ابريل 2022
إيمانويل ليفيناس في مكتبه عام 1992 (Getty)
+ الخط -

لم تتأخّر الفينومينولوجيا (أو الظاهراتية)، منذ ولادتها على يد الفيلسوف النمساوي إدموند هوسرل (1859 ــ 1938)، مطلعَ القرن العشرين، في التحوّل إلى رؤية ومنهج فلسفيّ مؤثّر في أوروبا، حيث تلقّف أطروحاته الجذرية حول الوعي والإدراك عددٌ من معاصريه الذين تحوّلت معهم الفينومينولوجيا، منذ النصف الأوّل من القرن العشرين، إلى المذهب المسيطر في مُجمل الفلسفات الأوروبية، مقابل الفلسفة التحليلية التي تُميّز الكتابات الفكرية في العالم الأنغلوساكسوني.

ولم تكن الفينومينولوجيا منهجاً يُطبَّق فلسفياً فحسب، بل موضوعاً للدراسة والبحث في حدّ ذاته، حيث كتب عنها أبرز الفلاسفة المعتقدين بأطروحات هوسرل، مثل بول ريكور في كتابه "في مدرسة الفينومينولوجيا"، وإيمانويل ليفيناس صاحب "في اكتشاف الوجود مع هوسرل وهايدغر"، إضافة إلى أعمال موريس مرلو بونتي وجان بول سارتر وغيرهما.

عن منشورات "هيرمان" في باريس، صدر حديثاً، للمفكّر البلجيكي روبر غرو، كتاب "ما الفينومينولوجيا؟ ــ تأمّلات انطلاقاً من هوسرل وآرنت وليفيناس"، وفيه محاولةٌ لتوضيح فكرة الفينومينولوجيا ومعناها من خلال تطبيق للمنهج الفينومينولوجي نفسِه.

الصورة
غلاف

يتوزّع الكتاب على ثلاثة أقسام، حيث يسعى الأوّل منها إلى الكشف عن الدور الذي لعبتْه الفينومينولوجيا، كرؤية فلسفية، في إخراج هوسرل من المعجم الميتافيزيقي الذي طبع كتاباته الأولى، في حين يذهب القسم الثاني ــ المخصّص لـ حنّا آرنت ــ إلى القول بأن الظاهراتية أثّرت إلى حدّ بعيد في فلسفتها السياسية، حيث قادها هذا المنهج إلى طرح أسئلة جذرية حول فكرة حقوق الإنسان نفسِها.

أمّا الفصل الثالث، فيدرس فيه المؤلّف مسألةً لطالما شغلت الفلاسفة الظاهراتيين منذ "التأمّلات الديكارتية" التي نشرها هوسرل عام 1931: أي النحو الذي نعيش من خلاله الآخَرَ، أو، بعبارة أُخرى، النحو الذي تتّخذه تجربة الآخر في وعيِنا. وهنا يُقابل غرو بين مقاربتَيْن للسؤال مختلفتين تماماً، عند ليفيناس وآرنت، حيث يطرح الأوّل الموضوع على خلفية أخلاقية دينية مبتعدة عن أي روابط مباشرة بالواقع، في حين تتناوله الثانية من وجهة نظر سياسية لا يمكن فصلُها عن تاريخ أوروبا في القرن العشرين.
 

المساهمون