روبرت لافين.. كيف صنع الوقت فروقاً حضارية

17 اغسطس 2022
أندري الباز/ المغرب
+ الخط -

في كتابه "جغرافيا الوقت: المغامرات الزمنية لعلم النفس الاجتماعي" (1997)، يناقش الطبيب النفساني والباحث الأميركي روبرت لافين (1945 – 2019) تاريخ التجربة الإنسانية في التعامل مع الزمن، بدءاً من تتبّع حركة الشمس منذ شروقها إلى غروبها، ووصولاً إلى اختراع الساعات الحديثة مع الثورة الصناعية.

يرى لافين أنّ التفكير في الزمن ظلّ مختلفاً بين ثقافة وأُخرى، حيث وضعت كلّ واحدة منها قواعدها الخاصة في فهم التسلسل المناسب لأنشطتها، ووضعت مجموعة كبيرة من العادات والتقاليد والطقوس المرتبطة بتقلّب الأزمنة واختلاف الليل والنهار والفصول الأربعة.

عن "المركز القومي للترجمة" في القاهرة، صدرت حديثاً النسخة العربية من كتاب روبرت لافين "جغرافيا الوقت" بترجمة رمضان عبد الستار أحمد ومراجعة وتقديم كرم عباس. يضيء العمل المفاهيم المختلفة حول سنّ الطفولة والشباب والشيخوخة، ووقت العمل والفراغ، وكيفية تقدير قيمته في أكثر من ثلاثين منطقة حول العالم.

غلاف الكتاب

يشير المؤلّف إلى أن الاختلاف الأساسي في ضبط الوقت عبر التاريخ كان بين الأشخاص الذين يعملون على مدار الساعة، وأولئك الذين يقيسون الوقت من خلال الأحداث والمواسم الاجتماعية، واستمر هذا الخلاف العميق في طبيعة التفكير في الوقت واقترانه بالنشاط اليومي.

ويبيّن أن الهند من أبرز الثقافات التي يتسلسل فيها الوقت تعبيراً عن التجربة الاجتماعية، حيث تحدث الأنشطة أحياناً في تسلسل منسّق بدقة، لكن دون مراقبة الساعة، بدءاً من استيقاظ الهندي إلى وقت الصلاة، ووقت الغناء، والاستراحة، ووقت الطعام، فيقوم بتلك الأفعال حين "يبدو الوقت مناسباً" دون قلق واضح بشأن الوقت على مدار الساعة.

ويلفت لافين إلى أن وقت الحدث يشكّل فلسفة للحياة، ففي شرق أفريقيا هناك قول مأثور بأنه "حتى الوقت يستغرق وقته"، أو كما يردّد سكّان جزيرة ترينيداد بشكل شائع أن "أي وقت هو وقت ترينيداد"، بينما يعتبر الغرب أن الوقت لا يعبّر عن حدث بعينه، حيث عقارب تسير على الدوام.

ويتوقف عند فكرة التقويم التي رغم انتشارها وفق أجندة الشهور الغربية في معظم دول العالم، إلا أن هناك دولاً عدةً لا تزال تحتفظ بتقويمها الخاص الذي لا يعني حتى تقسيم الأسبوع إلى سبعة أيام، إذ لا تزال بعض الشعوب الأصلية في بلدان أميركا اللاتينة تقسّم أسبوعها إلى ثلاثة أو عشرة أيام.

ويلفت إلى أن الأشخاص في ثقافات الوقت على مدار الساعة يرغبون في التركيز على نشاط واحد في كل وحدة زمنية، بينما يميل الأشخاص في ثقافات وقت الحدث إلى القيام بعدة أشياء في وقت واحد، مبيناً أن النمط الأول يعكس التزاماً أكثر بالوقت، إلّا أنّ النمط الثاني يضمن مشاركة قوية بين الناس.

المساهمون