في أيّار/ مايو من العام الماضي، أقرّ البرلمان الأيرلندي، بالإجماع، قانوناً يدين تهجير الفلسطينيّين ويَعتبر المستوطنات التي تشيّدها "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية احتلالاً وانتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، بينما تقدّم حزب "الشعب قبل الربح" اليساري بمقترح للبرلمان بطرد الدبلوماسيّين الإسرائيليّين، وطالب بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وثقافية على الاحتلال الإسرائيلي، أُسوةً بالعقوبات التي فُرضت ضدّ نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
مثّل القرارُ، الذي كان سابقةً في أوروبا، محطّةً ضمن محطّات كثيرة مِن الدعم الشعبي والرسمي لـ القضية الفلسطينية في أيرلندا، جعلت هذه البلد تتصدّر - إلى جانب أسكتلندا التي تعود أصولُ جزءٍ كبير من سكّانها إلى أيرلندا - البلدانَ المسانِدة لحقوق الشعب الفلسطيني.
ولهذا التأييد ما يُفسّره من الناحية التاريخية؛ إذ يرى الأيرلنديون أنّ ما يعيشُه الفلسطينيّون منذ أكثر من سبعين عاماً شبيهٌ بما عاشوه في ظلّ الاحتلال البريطاني الذي خاضوا مقاومةً ضدّه من أجل تقرير مصيرهم، وقاد إلى استقلال بلادهم (دون جزئها الشمالي التابع للمملكة المتّحدة إلى اليوم) عام 1922، ثمّ إعلان الجمهورية عام 1949. ويُفسّر هذا التاريخَ حضورَ مفاهيم مثل المقاومة ومحاربة الاحتلال في البنية الفكرية للأيرلنديّين، ومِن ثمَّ التأييد الذي تحظى به القضية الفلسطينية.
هذه التقاطعات بين التجربتَين الفلسطينية والأيرلندية تشكّل محور محاضرةٍ بعنوان "الاستعمار الاستيطاني في أيرلندا وفلسطين" يُقدّمها المؤرّخ الفلسطيني وأستاذ الدراسات العربية الحديثة في "جامعة كولومبيا"، رشيد الخالدي، في مقرّ "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بالدوحة عند السادسة من مساء غدٍ السبت، بتنظيم من "مؤسّسة الدراسات الفلسطينية" و"المركز العربي".
حصل الخالدي على شهادة البكالوريوس من "جامعة ييل" في عام 1970، ودكتوراه في الفلسفة من "جامعة أكسفورد" عام 1974، وهو رئيس تحرير "Journal of Palestine Studies".
من مؤلّفاته: "السياسة البريطانية تجاه سوريا وفلسطين، 1906 - 1914" (1980)، و"تحت الحصار: صناعة القرار داخل منظمة التحرير الفلسطينية إبان حرب 1982" (1986)، و"الهوية الفلسطينية: بناء وعي قومي حديث" (1997)، و"أصول القومية العربية" (1991)، و"انبعاث الإمبراطورية: بصمات غربية ومسار أميركا الخطر في الشرق الأوسط" (2004)، و"القفص الحديدي: قصّة النضال الفلسطيني من أجل الدولة" (2006)، و"زرع بذور الأزمة: الهيمنة الأميركية والحرب الباردة في الشرق الأوسط" (2009)، و"وسطاء الخداع: كيف قوّضت الولايات المتحدة الأميركية عملية السلام في الشرق الأوسط" (2013)، و"حرب المئة عام على فلسطين: تاريخ الاستعمار الاستيطاني والمقاومة: 1917 - 2017" (2020).