رحل أمس الإثنين الروائي والناقد الفلسطيني فاروق وادي (1949 – 2022) في لشبونة بعد صراع مع المرض، تاركاً عددا من المؤلّفات تنوّعت بين الرواية والسيرة والنقد والقصة القصيرة، كما كتب في الصحافة الفلسطينية والعربية منذ السبعينيات.
وُلد الراحل في مدينة البيرة، وحاز درجة البكالوريوس في علم النفس من "الجامعة الأردنية" سنة 1972، وتنقّل بين أكثر من مدينة عربية منها دمشق وبيروت، وكان من أبرز إصدارته الأولى كتاب "ثلاث علامات في الرواية الفلسطينية" (1981)، وتناول فيه أعمال كلّ من غسان كنفاني وإميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا، بوصفهم أصحاب تجارب تميزت بنضجها الفني الذي يُستشف منه تبلور أيديولوجي، وقدرة على تملك الواقع ووتملك الأداة الفنية التي تعيد صياغة مجمل رؤيتها بأدوات فنية روائية متميرة، بحسب مقدمته.
تمتزج السيرة في كتابات وادي، بل إنه يعبّر عن ذلك في مقال نشره عام 2008 بقوله "تبدو الكتابة، بكلّ أشكالها، نوعاً من السيرة، حتى لو لم تكن تحكي شخص كاتبها أو تتقصّد سرد تجارب حياته. فالكتابة فعل صادر عن إنسان ينتمي إلى أرض البشر يشارك الآخرين حياتهم وهمومهم وأحلامهم وآلامهم وهواجسهم، ومحاولاتهم طرح الأسئلة والبحث عن إجابات..".
على هذا النحو، يقدّم تنويعات على سيرته في أكثر من رواية منها "رائحة الصيف" (1993) التي تلتقي مع محطّات عاشها سواء في انخراطه بالعمل السياسي أو محرر وباحث في عدد من المؤسسات الثقافية الفلسطينية، وكذلك مقارباته لعدد من الشخصيات السياسية والثقافية التي التقاها، لكن الواقع الذي يظهر بوضوح أحياناً يختلط مع الخيال والفانتازيا أحياناً أخرى.
ويقول وادي في إحدى مقابلاته الصحافية "إذا كانت الكتابة هي عملية ممارسة الحرية، فانني بالفعل لا أمارس حريتي إلا من خلالها، وفي فضاء الحرية المفتوح أكتب أحداثا عايشتها وأخرى أعيد صياغتها، كما لو كنت أتمنى ان تحدث، بل إن من حقي أن أختلق أحداثا نسيت في حياتي أن تحدث!! إنني أحتمي بالخيال من هول الواقع".
أصدر مجموعته القصصية الأولى بعنوان "المنفى يا حبيبتي" عام 1976، ثم رواية بعنوان "طريق إلى البحر" سنة 1980، إلى جانب مؤلفاته الأخرى "منازل القلب" (1997)، و"عصفور الشمس" (2006)، و"سيرة الظل" (2008)، و"سرير المشتاق" (2019)، و" سوداد.. هاوية الغزالة" (2022).