رحيل فاروق لمبز.. طبقات من الحروفيات

13 ديسمبر 2021
(فاروق لمبز، 1942 - 2021)
+ الخط -

تنوّعت اهتمامات الفنان التشكيلي الأردني فاروق لمبز (1942 – 2021) الذي رحل أمس الأحد في عمّان، بين الرسم الذي بدأه منذ سنوات الطفولة، والأعمال الحروفية التي نزع معظمهما نحو التجريد، إلى جانب عمله مصمماً للإعلانات لفترة طويلة. 

نشأ الراحل في العاصمة الأردنية، وتعلّم في مدارسها حتى نال الثانوية العامة، حيث بدأ الرسم وهو لا يزال على مقاعد الدرس، وكانت الطبيعة هي الموضوع الأساسي للوحاته الأولى التي نفّذها بالألوان الماضية، لينهي تلك المرحلة، مبتعداً عن الواقعية، إلى أن أقام معرضه الأول عام 1968.

لمبز الذي حاز درجة البكالوريوس في الحقوق من "جامعة دمشق"، التحق بالعمل مصمم إعلانات في "الخطوط الجوية الملكية الأردنية" (عالية)، المؤسسة التي أنشأت أول صالة عرض متكاملة للفنون في الأردن، حيث تقام المعارض في المراكز الثقافية الأجنبية بعمّان وغيرها من الصالات التابعة للفنادق الكبيرة، وشكّل "غاليري عالية" مركز جذب للفنانين حتى نهاية التسعينيات.

تنوّعت اهتمام الراحل بين الرسم والأعمال الحروفية وتصميم الإعلانات

أحسّ بأن جهوده الشخصية لدراسة الفن لم تكن كافية، بحسب مقابلة صحافية أشار فيها إلى التحاقه بـ"معهد الفنون" الذي كان يديره الفنان الأردني الراحل مهنا الدرة، ولكن توقّف المعهد العمل دفعه إلى التوجه إلى مراكز ومعاهد أخرى، ومواصلة تركيزه على التعلّم الذاتي.

منذ بداية التسعينيات، وصل لمبز إلى درجة بالإشباع من رسم المشاهد الطبيعية والحياتية، حيث انقطع عن الفن لعدّة سنوات قبل أن ينتقل إلى الحروفيات، في محاولة لإيجاد أسلوبه الخاص في التعامل مع الخط العربي للتعبير عن كل من البعد الزماني والمكاني والسكون والحركة.

وشكّل خط الثُّلث الظاهر بحركته وانسيابيته المميزة في أغلب أعماله الحروفية وسيطاً رئيساً لمعظم تجربته، موضحاً ذلك في حديث سابق إلى العربي الجديد، بقوله إن "التراث الفني العربي والإسلامي يعتبر من أغنى الموارد التي يعتمدها الكثير من الفنانين لكونها أحد أهم المخزونات الذاتية لكل منهم. ولا يمكن أي فنان أن يتجاوزها لعلاقتها الوثيقة بالبيئة والواقع الاجتماعي والعقائدي".

استند لمبز في أعماله إلى تقنية أساسية تقوم على كبس الحرف يدوياً على الورق وبعدة طبقات تعطي أبعاداً مختلفة وعمقاً للوحة بشكلٍ تلقائيّ، مع تركه مساحةً حرّة يوزّع عليها الحروف لتبدو تجريديّة، مرتكزاً على الألوان والأشكال الحية التي تمنح مفرداته لغةً تشكيلية خاصة.

واعتمد على التناظر الحروفي والتقابلات والتكرارات أو المتواليات للعبارة أو الآية الواحدة، ما شكل محاكاة لأساليب الزخرفة الإسلامية ورؤاها، مع توظيفه أساليب معاصرة من خلال رسم الخطوط وقصّها على ورق خاص بسماكة كبيرة، وطريقة القص تساعده على ضغط مجموعات أقاصيص الورق واحدة تلو الأخرى، طبقة وراء طبقة يتعامل معها بطريقة تشبه طباعة الزنك.
 

كتب
التحديثات الحية
المساهمون