رأفت النجم.. في نشأة الموسيقى الموصلية

03 مايو 2021
(مدينة الموصل عام 1950، Getty)
+ الخط -

يعود المطرب العراقي رأفت النجم (1962) في لقاء افتراضي بعنوان "تأثير الموروث الموسيقي في الموصل" نظّمه "فضاء المحطّة" مساء أمس الأحد، إلى نشأة الاستماع في المدينة (400 كلم شمال بغداد) والذي يرتبط بتاريخ التصوف فيها، وقد غلب عليه الإنشاد الديني الذي كان يقدّمه كلّ من يمتلك صوتاً جميلاً.

وأشار  في اللقاء الذي قدّمه وحاوره الموسيقي خالد الراوي، إلى أن حلقة الإنشاد الأساسية كانت تقام في ما تسمى "المناقب الدينية"، وهي جلسات عامة لذكر مناقب الرسول محمد يحييها منشدون في يوم المولد النبوي، حيث كان بعض نخبهم يؤدي الإنشاد وفق المقامات العراقية، مقابل أداء شعبي لمنشدين آخرين، مستشهداً بتجربة الملا عثمان الموصلي (1854 – 1923) الذي كان مقرئاً للقرآن وشاعراً متبحراً بفنون الموسيقى.

وأوضح النجم أن العديد من المطربين العراقيين والعرب، ومنهم ناظم الغزالي وفاضل عواد وفيروز، قد أخذوا عن الموصلي العديد من ألحانه مثل "زوروني كل سنة مرة" و"ع الروزنا" و"فوق النخل" وغيرها، وينسب إليه تأليف القصيدة الشعبية الشهيرة التي يقول مفتتحها "قدك المياس يا عمري يا غصين البان كاليسر/ أنت أحلى الناس في نظري جل من سواك يا قمري".

التراث الموسيقي في الموصل تأثّر، بحسب المحاضر، بتراث مدينة ماردين في تركيا، وبالموسيقى التركية عموماً، لكن يظلّ المقام هو الأساس في تشكّل الموسيقى بالمدينة كما قدّمه العديد من الموسيقيين مثل أحمد عبد القادر الموصلي (1877 – 1941)، وشقيقه أمين عبد القادر، وإسماعيل الفحام الموصلي (1905 1990)، وجاءت بعدهم أسماء عديدة ممّن قدّموا المقامات بأشكالها وتطويراتها المتنوّعة.

واستعرض أيضاً تجارب العديد من المطربين البارزين، وفي مقدّمتهم محمد حسين مرعي (1933 – 1982) الذي درس العود وأدى أغاني معروفة مثل "يا حامل الورد"، وجلال الحسيني (1944 – 2012) الذي غنّى قصائد لشعراء عراقيين وعرب ولحّنها على العود، وجمع بين التشكيل والغناء والموسيقى، ويقترب أسلوبه التلحيني من الموسيقار السوري فريد الأطرش.

من جهة أخرى، أشاد النجم بمبادرات وجهود يبذلها كثيرون من أجل توثيق الموروث الموصلي، ومنهم من يوثّق الغناء الصوفي الذي قدّمه الروّاد في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، لكنها تفتقد القدرة على إظهار موسيقى المدينة في أبعادها المتعدّدة، والذي يحتاج بالضرورة إلى دعم رسمي وعمل مؤسسي. 

المساهمون