في بداية الشهر الجاري، أطلقت منصّة "ألبوم الوطن" في القاهرة مبادرة الفنون المرئية لحفظ وتوثيق التراث الفلسطيني، بهدف نشر الصور والوثائق القديمة والنادرة بعد جَمعها في معرض إلكتروني تحت عنوان "ذكريات من فلسطين العربية"، وإنشاء فيديو وشريط تسجيلي حول المعرض.
تستقبل المنصّة بشكل متواصل صُوراً تُوثّق لقطاعات مختلفة من تاريخ الشعب الفلسطيني خلال أكثر من قرن مضى، عبر تتبُّع أحداث ومحطّات بارزة، والمواسم الزراعية، والمناسبات الاجتماعية والدينية، والمِهن، والأزياء، والذاكرة العائلية، إلى جانب أعمال لعدد من الفنّانين التشكيليّين الفلسطينيّين.
من بين تلك الوقائع، صورة بالأبيض والأسود لموسم قطاف التِّين في إحدى قرى ريف مدينة نابلس يعود تاريخُها إلى عام 1923، وثانية بالأبيض والأسود أيضاً تصوّر امرأة تحمل جرّة في مدينة بيت لحم سنة 1930، وثالثة لبائع حليب متجوّل في مدينة القدس أثناء تساقط الثلوج في شتاء عام 1939، وأُخرى لشبلي عودة شبلي وزوجته جليلة التُقطت لهما في يوم زفافهما سنة 1928.
يبيّن المصوّر المصري أحمد راضي، في تصريحات صحافية سابقة، إلى أن الفكرة انبثقت من وحي الحرب على غزّة التي تتواصل منذ ستّة وثمانين يوماً، ليأتي المعرض في سياق دعم فلسطين وأهل غزّة، وتأكيداً على دور الفنّ في توثيق التراث وإحياء الاهتمام بالقضايا الكبرى.
تظهر في إحدى الصور فتاتان من بيت لحم بزيِّهما التقليدي في مطلع عشرينيات القرن الماضي، كما تنشر نسخة من عقد زواج مؤرَّخ في عام 1928، بتوقيع الشيخ عزّ الدين القسّام مأذوناً مع تبيان مقدار المهر البالغ مئة جنيه فلسطيني، وأجرة المأذون مثبتة بخمسة قروش، بالإضافة إلى طابع رسمي.
كما تُعرض ملصقات تحتوي نساء يرتدين أزياء تقليدية تنتمي إلى عدد من المدن الفلسطينية مثل اللدّ والرملة وأريحا وطولكرم ونابلس ويافا والقدس وغزّة وغيرها، مع شرح يفصّل التطريز على كل ثوب وإحالة الأشكال عليه إلى رموز من الذاكرة الشعبية والميثولوجيا الفلسطينية.
وتعكس الصور والوثائق قطاعات مختلفة حيث يتعرّف المتصفّح على وقع التجارة في مدن فلسطين قبل النكبة عام 1948، وطبيعة العمل الأهلي والنقابات العمّالية والاتّحادات النسائية خلال الفترة ذاتها، وإعلانات الصحف التي تبرز الصناعات المنتشرة آنذاك ومنها صناعة الثلّاجات في مدينة يافا عام 1937.