ذكرى ميلاد: صفَر علي.. سيرة موسيقية منسيّة

04 مارس 2021
(صفَر علي، 1884 - 1962)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. تصادف اليوم، الرابع من آذار/ مارس، ذكرى الملحّن المصري صفَر علي (1884 – 1962).


قادت ثورة 1919 إلى جملة تغييرات في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية أيضاً في مصر، ومنها الدعوة إلى إلغاء النشيد الوطني الذي لحّنه الموسيقار الإيطالي المشهور جوزيبي فيردي الذي بدأ عزفه منذ عام 1869 في عهد الخديوي إسماعيل، وشُكِّلَت لجنة لوضع نشيد قومي ضمن مسابقة ظلّ الخلاف حول نتيجتها مستمراً على صفحات الجرائد بين أحمد شوقي ومصطفى صادق الرافعي حتى حُسم لمصلحة الأخير.

يختلف المؤرخون حول استخدام هذا النشيد رسمياً من قبل السلطة، حيث يرى بعضهم أن لا دليل يؤكد ذلك وأنه جرى تداوله بين الطلبة والكشافة وعامة الناس حتى عام 1936، ويقول مفتتحه: اسلمي يا مصر إنني الفدا/ ذي يدي إن مدت الدنيا يداً/ أبداً لن تستكيني أبداً/ إنني أرجو مع اليوم غداً، إلا أن الذاكرة الشعبية لا تزال تحتفظ بكلماته التي لحّنها صفَر علي الذي تحلّ اليوم الخميس ذكرى ميلاده.

وُلد الملحن المصري (1884 – 1962) في بلدة بيلا بمحافظة كفر الشيخ، وعمِل في وزارة المالية بعد أن أنهى تعليمه الثانوي، ثم أكمل دراسته في مدرستي الحقوق الفرنسية والتجارة المسائية، لينتقل بعدها للعمل في وزارة الخارجية لإتقانه اللغتين التركية والفرنسية، ومنها إلى وزارة المعارف (التربية والتعليم، حيث عين مفتشاً مسؤولاً عن الأناشيد، وقدّم مقترحاً لتدريس الموسيقى ماده أساسية في التعليم عام 1926، إلا أن طلبه رُفض ولم يُقَرّ إلا بعد عقود.

كان علي أحد أبرز الموسيقيين الذين ساهموا في تأسيس "المعهد العالي للموسيقى العربية" عام 1914، ودرّس فيه العزف على العود وقواعد الموسيقى، ثم أصبح وكيلاً للمعهد قرابة أربعين عاماً، وألّف دراسات في إدخال الحوار الغنائي، والألفاظ العربية في الموشحات، وفي تاريخ الموسيقي العربية، والتقنيات، إلى جانب مقالات في التلحين ووظيفة الكورس، وتخرّج على يديه عدد من الموسيقيين مثل رياض السنباطي، وعبد الحليم نويرة، وعبد الفتاح صبري، وعبد الحميد توفيق زكي، وأحمد صدقي وآخرين.

كذلك ألّف موسيقى الروايتين الغنائيتين "أميرة صغيرة" عام 1916، حيث أدخل فيها أول ديالوغ (حوار) غنائي في الموسيقى العربية، ومطلعه "ياما الحياة فيها عجايب"، إلى جانب شهرته في "تلحين البشرف"، وهو قالب موسيقي تركي يتألف من أربعة أجزاء رئيسية ويتسم بالبطء في الإيقاع، ويشترك في أدائه جميع أفراد الفرقة الموسيقية تهيئة لأداء العزف الانفرادي، ويمهد المغنين لإعداد أنفسهم للغناء.

ولحّن أيضاً العديد من المونولوغات مثل "لوعة العشاق" و"صوت الحرية"، والطقطوقات ومنها "رنة خلخالي يامه وأنا نازله أملى البلاص" التي غنتها المطربة رتيبة أحمد، و"ياريت زمانك وزماني" التي غنتها شقيتها فتحية أحمد و"مال قلبك علي قاسي"، و"يا سيد الملاح يا فاتن الغزلان"، و"جنت عليك عيني يا قلبي"، بالإضافة إلى تأليفه أوبريت "المقامر".

المساهمون