ذكرى ميلاد: أحمد مختار العبادي.. في تأريخ الأندلس

20 ابريل 2021
(أحمد مختار العبادي، 1922 - 2016)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، العشرون من نيسان/ إبريل، ذكرى ميلاد المؤرخ والباحث المصري أحمد مختار العبادي (1922 - 2016).


في كتابه "دراسات في تاريخ المغرب والأندلس"، ينبّه أحمد مختار العبادي الذي تحلّ اليوم الثلاثاء ذكرى ميلاده، إلى أن سيطرة المسلمين على الشام أصاب الإمبراطورية البيزنطية في مقتل حيث شطرها شطرين مع انفصال آسيا الوسطى عن مصر وشمال أوروبا، وأصبح البحر المتوسط أيضاً مقسوماً بين العرب والبيزنطيين وميدان تنافس بينهما، وكان للتفوق العربي في البحر دور أساسي في دخول إسبانيا وجنوب إيطاليا.

ويرى المؤرخ والباحث المصري (1922 - 2016) أن التطوّر في التخطيط العسكري لدى المسلمين كان عاملاً حاسماً في توسّعهم داخل القارة الأوروبية، إذ سبق المعارك العسكرية العديد من الحملات الاستطلاعية، وأخرى كان هدفها اختبار مدى قدرة حكّام شبه الجزيرة الإيبرية على مقاومة غاراتهم المفاجئة، وحين دقّت الساعة الصفر، كان الجيش الإسلامي يمتلك مخطّطاته ويعرف كيف سيتعامل مع كلّ منطقة من المناطق على اختلاف تضاريسها واستعدادها العسكري.

 ويلفت أيضاً إلى أن النصوص التاريخية ركّزت على الأعداد الكبيرة التي جمعها موسى بن نصير في جيشه الذي فتح فيه الأندلس، وكأن المعارك كانت برية في الدرجة الأولى، ويغفل المؤرخون في ذلك الأسطول الضخم الذي ركبه آلاف المقاتلين العسكريين، والاعتماد على القوة البحرية في حسم المعركة من خلال القدرة على الحصار وضرب السواحل ومباغتة العدو.

ناقش مسألة التعدّد الثقافي لدى الأندلسيين في استعمال اللغات والاقتراض في ما بينها

ورغم تعمّق العبادي في تحليل البعد العسكري في دراساته المتعدّدة حول تاريخ الأندلس وخريطة موازين القوى عبر المتوسط، إلا أنه اهتمّ أيضاً بمظاهر الحياة الاجتماعية وتعبيراتها الثقافية والفكرية مثلما ركّز على الأحداث السياسية المفصلية، حيث نظر إلى حركة الفتوحات الأندلسية في سياق الصراع العربي/ البيزنطي على المتوسّط، وناقش مسألة التعدّد الثقافي لدى الأندلسيين في استعمال اللغات والاقتراض فيما بينها.

وتناول أيضاً العلاقات الثقافية والتبادلات العلمية والفكرية التي لم تنقطع يوماً بين بغداد وقرطبة، ما تؤكده حركة وهجرة العلماء بين المشرق والمغرب الإسلاميَّين، وتواصلهما الدائم بالمعنى الحرفي والمجازي، بحسب الرسائل التي جمعت علماء المدينتين، ومتابعة كلّ طرف ما أنجزه الطرف الأخير، وكان ذلك في ظلّ حالة قطيعة سياسية تامّة بين العباسيين وحكّام الأندلس.

ولد الراحل في مدينة بورسعيد، وحصل على ليسانس الآداب ودرجة الماجستير من "جامعة الإسكندرية"، ودرجة الدكتوراه من إسبانيا، وترك عشرات المؤلّفات والدراسات، منها: "تاريخ البحرية العربية"، و"تاريخ مصر المملوكية"، و"تاريخ المغرب والأندلس"، و"سياسة الفاطميين نحو المغرب والأندلس"، و"في التاريخ الأيوبي والمملوكي"، و"قيام دولة المماليك الأولى في مصر والشام"، و"المغول والحضارة الإسلامية – رحلة المغول في الاستكبار".

إلى جانب تحقيقه العديد من المؤلّفات، مثل: "أعمال الأعلام في من بُويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام" و"خطرة الطيف في رحلة الشتاء والصيف" و"نفاضة الجراب في علالة الاغتراب" للسان الدين بن الخطيب، و"مقانة العيد" لأبي محمد عبد الله الأزدي.

المساهمون