ما سَتقرأونه في هذه القصيدة
كان من الممكن أن يحدث لي
لكنه حدث لأشخاص آخرين
■ ■ ■
يستفيق الأب في الصباح في إحدى ضواحي باريس
يفتح النافذة، ويتساءل ما الذي حَدث؟
ولماذا أنا هنا؟
لماذا يسيل الدَّم مِنِّي؟
وَمَن أَطلَقَ هذه الرَّصاصة؟
■ ■ ■
من هو المهاجر؟
المهاجر يعيش في بلد
ويبني بيتاً في بلد آخر.
■ ■ ■
مِن هضاب طنجة أرى لَألأة نجوم وأنوار الساحل الإسباني
أرى حلمي هناك
أفرح، فأكلّم النجوم والسحاب
أمّا ماء البحر فأسأل المسيح عنه
وأقول لَه يا سَيدي
أَرِنِي كيف أمشي على الماء؟
أمسَكني من يَدي وقال: عُد مِن حيث أَتيت.
■ ■ ■
على ضفاف شاطئ جميل
يَقدِف البحر خيالات هاربة
سلام على الحمقى، سلام على المشرّدين والتّائهين في طنجة
مرحباً بكم، ادخلوا، اختبئوا في حاويات الشحن، تفضّلوا
ارحلوا في في صمت
خذوا قَوارِبكم إلى أبعد مدى
وإذا اختلط عليكم الجنوب بالشمال
فلا تعودوا إلى أقرب يابسة.
■ ■ ■
حين تصِلون، ستصيرون أنتم وغيركم
إسفلت هذه المدينة وشَحّاذيها
سلامٌ على غرباء في باريز، يَلفظون
أنفاسهم مرضى وحيدين في مستشفى حكومي
سلامٌ على الذين يشتدّ بهم الحزن فيسكرون
حتى يموتون
مرحبا بحيطان السكن الجماعي الباردة
مرحبا برائحة البول والعفن
سلامٌ على حلم يتضاءل
فيصير نحيفاً كجائع
سلامٌ على حلم يشبه مرض السل.
■ ■ ■
أطفال يخرجون من تحت الأسرّة والبيوت المعتمة
أطفال يخرجون من النوافد
أطفال يخرجون من المواسير
مواليد جُدد يتدحرجون من بطون أمهاتهم
يكبرون، فيسألون آباءهم
من أنتم؟ ولماذا جئتم إلى هنا؟
لماذا لا أشبِهُ أبي؟
ولماذا لا تُشبِهُ أمّي فرنسا؟
وهل فقدت قواها العقلية فأَخذها الجنون؟
■ ■ ■
التقيتُ بفرنسي عجوز رَبت على كتفي
وقال تعفّن
في باريز يعيش الحلم في الضواحي،
يُبَلِّلُه المَطر وتحرسُه الشرطة
في ضواحي باريز
حُلم يُغشّيه ضباب في الأفق.
■ ■ ■
تعرِف جارتنا أنّ رشيد يخرج ليلاً
للبحث عن بنتِه في بارات المدينة
وحين يعود إلى شقّته
يضرب برأسه الحائط
لثوانٍ وبعدها يحُلّ صمت رهيب.
■ ■ ■
سعيد، يشبه سلكاً كهربائياً يحطّ عليه غراب
تعرف جارتنا سِرّهُ
يتناول المخدرات
كما يأكل جائع في باريز
قطعة حلوى
زهرة، تعرف جارتنا سِرَّها
تأتي كل يوم جمعة إلى البناية
فيتناوب عليها مجموعة من العاطلين اللصوص
في الشقّة المجاورة لي
ستظل هكذا حتى يغمرها الثلج
في حديقة جميلة
وتموت.
* شاعر وأكاديمي مغربي مقيم في مدينة نيو أورلينز الأميركية