استمع إلى الملخص
- **رمزية "ملك الثقوب":** عرض ضوا تمثاله "ملك الثقوب" في باريس عام 2021، وتركه ليتدهور طبيعياً، مما يرمز إلى زوال الطغيان. التمثال المصنوع من الخشب والجص والرغوة، يجسد حاكماً طاغية، وبدأ في التمزق والانهيار مع أول ضربة مطرقة.
- **مراحل تطور الفن:** مسيرة ضوا الفنية تنقسم إلى ثلاث مراحل: "الانتظار" (2007-2011)، "التظاهرة" (2011-2014)، ومرحلة ما بعد انتقاله إلى باريس، حيث يركز على تمثيل الجسد الخائف والمعذب نتيجة العنف والسلطة القمعية.
يعيش النحات السوري خالد ضوا في فرنسا منذ عام 2014، أي بعد ثلاث سنوات على اندلاع الثورة في بلاده. لكنّه في صباح يوم الجمعة الفائت، أي قبل أسبوع، كان في جنيف، تحديداً أمام مقرّ الأمم المتحدة، يحتفي بـ"اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري"، الذي يصادف في الثلاثين من آب/ أغسطس من كل عام.
أمام عمل بوزن يصل إلى سبعمائة كيلو غرام، وطول يبلغ أكثر من ثلاثة أمتار تقريباًـ وقف الفنان السوري مع أفراد عائلته أمام تمثاله "ملك الثقوب" الذي يصوّر حاكماً بجسد ضخم، يجلس على كرسي حكمه، وقد حمل كلّ واحد منهم مطرقة ومنشاراً، وراحوا جميعاً ينهالون بضرباتهم على الرأس والجسد الجالس على الكرسي، ثمَّ على التمثال كلّه الذي يجسّد صورة الطاغية الذي تسبّب بالاختفاء القسري لمئات آلاف السوريين الذين خرجوا إلى الشوارع وطالبوا بكلمة ثقيلة الوقع على أذن أي حاكم طاغية في العالَم العربي: الحرية.
أمام الكاميرات التي راحت تلتقط الواقعة، لم يتردّد الفنان في تدمير تمثاله، في إشارة إلى هشاشة الأنظمة المبينة على الظلم والعنف والقمع كلها. كذلك لم يتردد في سرد سيرته المريرة مع النظام الاستبدادي في بلاده، حيث عاش تجربة صعبة في سجونه، إذ تم احتجازه تعسفياً عام 2013، وعندما تم الإفراج عنه شعر أنّه يولد من جديد، لكنّه ظل يحمل معه سؤالاً ثقيلاً: ماذا عن الباقين؟
كان ضوا قد عرض منحوتة "ملك الثقوب"، المصنوعة من الخشب والجص والرغوة للمرّة الأولى عام 2021 في باريس، حيث يعيش، ثم تركها عمداً لتتدهّور بشكل طبيعي لمدة عامين في غابة عامّة، وهدفه من ذلك تقويض الصلابة الواضحة لرمز القمع وإصابته بالضرر، والتأكيد على الوضع الطبيعي للأشياء هو الزوال، في إشارة إلى زوال نظام الطغيان.
عرض التمثال لأول مرّة بباريس عام 2021 وتركه عامين في غابة
ورغم الموقع السلطويّ الذي يجسده جسد الحاكم الجالس على كرسي العرش، برأسه الكبير، إلّا أنه مع أول ضربة مطرقة تمزّق رأسه، وبدا جسده عرضةً للتشقّق، والانهيار، حيث تابع الفنان مع أفراد أسرته على تثقيب جسده، أو على نزع كتلٍ منه، وكأنّ جسد الدكتاتور رديفٌ لسلطته ونظام حكمه اللذين يعيشا الانهيار، انهيارٌ يصل مداه في حين نرى فيها التحلُّل والتمزّق وقد نالا من جسد الدكتاتور، وذهبا بساقيه وجزء من وجهه، في حين يبدو عرشه، المائل، في طريقه إلى السقوط، على وقع ضربات الفنان وأفراد عائلته.
ولم ينس ضوا أن يذكر أمام الكاميرات كيف تم هجر الشعب السوري مدة 13 عاماً، بدءاً من "المجتمع الدولي" وانتهاءً بمنظمة الأمم المتحدة وأنه إلى الآن لا يزال هناك ما يقارب 157 ألف شخص تم اعتقالهم تعسفياً في سورية، أو اختطفوا عند نقاط التفتيش أو من منازلهم وأماكن عملهم.
يذكر أن خالد ضوا هو فنان سوري من مواليد عام 1985. يمكن وضع شغله الفني في ثلاث مراحل، الأولى من عام 2007 وحتى 2011، حيث كان يركّز على حالة "الانتظار"، وكيفية تعامل الأشخاص مع الانتظار الشخصي. أما المرحلة الثانية بدأت من 2011 وحتى عام 2014، حيث اهتم بثيمة التظاهرة وهو فعل نقيض الانتظار، فبدأت منحوتاته تتجاوب مع الطاقة الجديدة التي عرفها الشارع.
المرحلة الثالثة بدأت تتكون بعد انتقاله إلى باريس، ومآلات الثورة السورية، وتمظهرات العنف المختلفة، لذلك نراه يهتم بتمثيل الجسد الخائف والمعذب والذي شوّهته السلطة.