رحل أمس الأحد المخرج المسرحي الأردني حسين نافع (1964 – 2022) إثر تعرّضه لنوبة قلبية، والذي صعد اسمه في تسعينيات القرن الماضي؛ الفترة التي شهدت تأسيس المهرجانات المسرحية في الأردن، حيث قدّم العديد من الأعمال المقتبسة في معظمها عن نصوص عالمية.
وُلد الراحل في مدينة الزرقاء (20 كلم شمال شرقي عمّان)، وحاز درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من "جامعة اليرموك" عام 1987، وبدأ مشواره بإخراج "الفتاة النفيسة" المأخوذة عن نص "ترويض النمرة" لشكسبير سنة 1993، وعرضها في قالب استعراضي غنائي ضمن الدورة الثانية من "مهرجان مسرح الطفل الأردني".
توجّه نافع بعدها إلى نصوص فيديريكو غارثيا لوركا في محطّات عديدة من تجربته، ومنها "يرما" (1997)، و"الإسكافية العجيبة" (2006)، و"بيت برناردا إلبا" (2007)، و"عرس الدم" (2009)، و"هكذا مرت سنوات خمس" (2011)، و"ماريانا" (2013).
وطالما أشار في مقابلاته الصحافية إلى أن مسرح الكاتب الإسباني (1898 – 1936) يكثّف بصورة رمزية ما تعيشه النفس البشرية من صراعات ضدّ قوى الطبيعة والواقع السياسي الاجتماعي تحقيقاً لوجودها الكوني والإنساني، وهي تتيح على الدوام الفرصة لإعادة القراءة والتأويل، خلافاً لمعظم النصوص المحلية والعربية التي كان يرى أنها تعتمد "الخطاب المباشر التقريري" وتركّز على "المضمون وعلى الخطابات والرسائل، وتغيّب الشكل الفني ولا تبالي بالبعد الشعري أو الموسيقي أو الجمالي".
كما كان يرى أن أزمة المسرح العربي اليوم هي انعكاس لأزمة النصّ، مؤكداً أن "تطور المسرح قبل ظهور المخرج في منتصف القرن التاسع عشر وبعد ظهوره لعقود، كان يعتمد على تطور كتابة النص المسرحي، فالكاتب عبر التاريخ، هو الذي دفع المسرح ليتطور ويتجدد".
قدّم نافع مسرحيات عدّة طوال الثلاثين سنة الماضية، منها "الطاعون" (1999) عن نص لألبير كامو، و"سالومي" (2000) عن نص لأوسكار وايلد، و"جوليا" (2002) عن نص لأوغست ستريندبرغ، و"قبعتان ورأس واحد" (2004) عن نص لمؤنس الرزاز، و"الحورية الهاربة" (2008) عن نص لأليخاندرو كاسونا، و"عطيل يعود" (2017) عن نص لنيكوس كازانتزاكيس، و"ظلال الحب" (2019) عن نص لليلى الأطرش.
وفيه مسرحيته الأخيرة التي عرضها العام الماضي تحت عنوان "الآخر"، لجأ نافع إلى نص للكاتب الإسباني ميغيل دي أونا مونو، وطرح من خلال تساؤلات فلسفية حول الخطيئة الأولى وصراع الذات والآخر وأصل الشرّ في النفس البشرية.